الثانية: أنْ يُجاور ما أُهْمل تكسيره نحو: سنبلات، فإنَّه في التنزيل مجاور لسبع بقرات، يعني: قد يكون له جمع تكسير ولكنَّه يُؤتى به على صيغة جمع التَّصحيح للمجاورة، مثل تنوين مجاورة: ((سَلاسِلاً وَأَغْلالًا)) [الإنسان:4] قلنا: (سَلاسِلا) هذا مَمنوعٌ من الصَّرف ولكنَّه نُوِّن لمجاورة (أَغْلالًا) و (أَغْلالًا) مصروف، هنا مثله، قد يُضاف إلى جمع التصحيح مع كون ذلك اللفظ له جمع تكسير، والسبب في ذلك: المجاورة .. كونه جاور اسم عدد أُضيف إلى ما أُهْمِل تكسيره كـ: (سنبلات).
والثالثة: أن يَقِل استعمال غيره، يعني: يكون له جمع تصحيح وجمع تكسير، لكنَّ الأكثر من حيث الاستعمال جمع التصحيح فحينئذٍ يُراعى فيه الأكثر، نحو: ثلاث سعادات، سُمع (سعائد) لكنَّه قليل، (سعائد) هذا جمع تكسير و (سعادات) جمع تصحيح، يُضاف إلى (سعادات) ويَجوز إضافته إلى (سعائد)، لكن الأفصح أنْ يُضاف إلى (سعادات) لأنَّه أكثر استعمالاً من (سعائد).
ويَجوز: ثلاث سعائدَ أيضاً، والمختار في الأخيرتين التَّصحيح، الذي هو: أنْ يُجاور ما أُهْمِل تكسيره المختار التصحيح، مع كونه له جمع تكسير، وكذلك أنْ يَقِلَّ استعمال غيره مع كونه له جمع تكسير، فالأفصح حينئذٍ التَّصحيح، ويَتعيَّن في الأولى التصحيح لإهمال جمع التكسير .. ليس له جمع تكسير، وإنَّما تَعيَّن ذلك لوجود جمع التَّصحيح فحسب، وإذا كان كذلك حينئذٍ يَتعيَّن.
فإن كثُر استعمال غيره ولم يُجاور ما أُهْمِل تكسيره لم يُضف إليه إلا قليلاً، يعني: إذا لم يكن واحداً من الثانية أو الثالثة، الأولى أُهْمِل تكسيره فلا بُدَّ منه، الثانية والثالثة حينئذٍ نقول: إذا لم يكن من الثانية ولا من الثالثة لم يُضف إليه إلا قليلاً .. إلى جمع التصحيح، نحو: ثلاثة أحمدين، وثلاث زينبات (زينبات) .. (زينبات) له زيانب، و (أحمدين) (أحمد .. أفعل .. أفاعل .. أحامد) حينئذٍ له جمع تكسير وله جمع تصحيح (أحمدين) هذا جمع تصحيح بياء ونون (وزينبات) جمع تصحيح بألفٍ وتاء، نقول: هذا قليل ولذلك يُقال: يُحفظ ولا يقاس عليه.
ويُضاف لبناء الكثرة في مسألتين، لأنَّه قال: (بِلَفْظِ قِلَّةٍ)، قلنا: (فِي الأَكْثَرِ) هذا احترازاً مِمَّا إذا كان جمع تكسير وأُضيف إلى جمع الكثرة، يُضاف لبناء الكثرة في مسألتين:
الأولى: أن يُهمل بناء القِلَّة فلا يُسمع، نحو: ثلاث جوارٍ، وأربعة رجال، وخمسة دراهم، (دراهم) هذا ليس له جمع قِلَّة، و (رجال) ليس له جمع قلَّة، و (جواري) ليس له جمع قلَّة، حينئذٍ لا محال أن يُضاف إلى جمع الكثرة.
الثاني: أنْ يكون له بناء قِلَّة، سُمع بناء القِلَّة وبناء الكثرة، ولكن بناء القلَّة شاذٌّ قياساً أو سماعاً، حينئذٍ سماعه كعدم سماعه، فيُنَزَّل لذلك مُنَزَّلة المعدوم كأنَّه لم يُسمع له جمع قِلَّة.
فالأول نحو: ((ثَلاثَةَ قُرُوءٍ)) [البقرة:228] قلنا: (قُرُوءٍ) هذا جمع قرءٍ، (وقرْءٍ) جمعه جمع قِلَّة على (أقراء) هذا شاذ، ولذلك عُدل عنه في القرآن إلى (قُرُوءٍ) جمع كثرة وسُمِع (أقراء) جمع (قرءٍ) بفتح القاف وإسكان الراء لكنَّه شاذ، وحينئذٍ عُدِل إلى جمع الكثرة.