بشرط أن يذكر المعدود، فإن حُذف مع قصده أو تَقدَّم ولو لم يُحذف، حِينئذٍ أنت مُخيَّر بين أمرين، والأفصح أن يُعامل معاملة الموجود.

إذًا: ويجوز أنْ تُحذف التاء في المذكر، ومنه: {وَأَتْبَعهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّال} أمَّا إذا لم يقصد معدود، وإنَّما قُصِد العدُّ المطلق، هذا الذي افتتحنا به الكلام: أنَّه قد يراد باللفظ اللفظ من حيث هو: ثلاثة .. ستة .. سبعة، تريد أن تحكم على هذا اللفظ بقطع النَّظر عن معدود، أو أن يكون له معدود.

حِينئذٍ نقول: هنا قُصِد به اللفظ المطلق فحسب، أمَّا إذا لم يقصد معدود فليس عندك معدود، وإنَّما قصد العدُّ المطلق كانت كلها -كانت هي- كلها بالتاء .. لزمت التاء، حِينئذٍ ليس عندنا مذكر: ثلاثة نصف ستة، هكذا تقول: ثلاثةُ، بمنعها من الصَّرْف: نصف ستة، وهنا ليس عندنا معدود، هنا تريد أن تحكم على اللفظ بأنَّه نصف الستة، حِينئذٍ نقول: هذا اللفظ المراد به عين اللفظ، ليس عندنا شيء معدود.

ولا تنصرف لأنَّها أعلامٌ مؤنَّثة، وذكر ابن مالك أنَّها عَلَم جنس، حِينئذٍ هي مؤنَّثة وعلم فمنعت من الصَّرف للعمليَّة والتأنيث، فتقول: ثلاثةُ نصف ستة .. أربعةُ ضعف اثنين، (أربعةُ) بدون تنوين، لأنَّها ممنوعة من الصَّرْف.

إذًا: قد يُقصَد المعدود، وقد يُقصَد اللفظ عينه، وإذا قصد المعدود قد يذكر وقد يحذف، الأحوال: ثلاثة .. قد يقصد اللفظ عين اللفظ هذا أولًا، وقد يقصد المعدود، ثُم قد يذكر وقد يحذف، ثلاثة.

إذا قصد اللفظ .. عين اللفظ لزمت التاء، ابن مالك يقول: أصلها بالتاء، هي الأصل فيها، وحذف التاء فرع، إذًا: ثلاثةُ نصف ستة، هذه حالٌ.

حالٌ ثانية: أن يقصد المعدود، عندك شيء تعدُّه: ثلاثةُ رجال .. ثلاثُ إماء، عندك شيءٌ معدود، هذا المعدود الثلاثة والرجال الذي هو المُميِّز .. الذي يضاف إليه، قد يذكر وقد يُحذف، إن ذُكِر جاءت القاعدة، وإن حُذِف حِينئذٍ لا يجب، وإنَّما يُختار أن يعامل معاملة المذكور.

ثَلاَثَةً بِالتَّاءِ قُلْ لِلْعَشَرَهْ ... فِي عَدِّ مَا آحَادُهُ مُذَكَّرَهْ

يعني: أنَّ ألفاظ العدد من ثلاثة إلى عشرة، إذا كان واحد المعدود مذكرًا لحقته التاء، فإن كان واحده مؤنَّثا لم تلحقه التاء، ولذلك قال: (فِي الضِّدِّ) الذي هو المؤنَّث (جَرِّدْ) يعني: من التاء.

. . . . . . وَالْمُمَيِّزَ اجْرُرِ ... جَمْعَاً بِلَفْظِ قِلَّةٍ فِي الأَكْثَرِ

هذه لا بُدَّ لها من مُميِّز، الثلاثة إلى العشرة لا بُدَّ لها من مُميِّز، والمراد بالمُميِّز هنا: ما يكشف حقيقتها، لأنَّ أسماء العدد من المبهمات، وهذا البحث بعضهم يذكره في باب التمييز، وسبق أنَّ باب التمييز قد يكون في المفردات، وقد يكون في الجمل، يعني: النِّسبة.

من المفردات المقادير والمساحات إلى آخره، ومنها: العدد، لأنك تقول: عندي عشرون .. عشرون ماذا؟ عشرون كتابًا، عندي ثلاثة .. ثلاثة ماذا؟ ثلاثة ريال .. ثلاثة ملايين، يختلف الحكم، فحِينئذٍ (ثلاثة) صار لفظًا مبهمًا يحتاج إلى مُميِّز يكشف حقيقة هذا اللفظ المبهم.

حِينئذٍ نقول: العامل فيه هو ما أضيف إليه إن كان مجرورًا أو نصبًا إن كان منصوبًا كما في: (أحد عشر) ((أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا)) [يوسف:4].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015