وقال الكِسَائي: "تقول: مررت بثلاث حمامات، بغير هاء" لكنَّه قليل هذا، وإن كان الواحد مذكرًا وقاس عليه ما كان مثله، لكنَّ المعتمد هو أنَّه يُنْظر إلى الواحد لا إلى الجمع.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . ... فِي عَدِّ مَا آحَادُهُ مُذَكَّرَهْ

فِي الضِّدِّ جَرِّدْ. . . . . . . . . . . ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

نَحو: ((سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ)) [الحاقة:7] هنا جمع بين طرفين: (سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ) ما قال: (سَبْعَة لَيَالٍ) لماذا؟ (سَبْعَ) بدون تاء: (فِي الضِّدِّ جَرِّدْ) يعني: ما كان المميِّز مؤنَّثا بالنَّظر إلى واحده (جَرِّدْ) اسم العدد من التاء، حِينئذٍ قال: (سَبْعَ لَيَالٍ) ولم يقل: (سَبْعَة) لأنَّ (لَيَالٍ) جمع (ليلة)، و (ليلة) هذا مؤنَّث.

وقال كذلك: ((وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ)) [الحاقة:7] (ثَمَانِيَةَ) بالتاء، لماذا؟ لأنَّ (أَيَّام) جمع (يوم)، واليوم هذا مذكر، إذًا: في آية واحدة جمع بين النَّوعين، وهذا أعلى فصاحة.

هذا إذا ذُكِر المعدود، فإن قُصِد ولم يذكر في اللفظ يعني: حُذِف، إذا ذُكِر أضيف إليه لا إشكال فيه، حِينئذٍ لا بُدَّ من القاعدة المطَّرِدة وهو التذكير مع المؤنَّث، والتأنيث مع المذكر، فإن قُصِد ولم يذكر في اللفظ فالفصيح أن يكون كما لو ذُكِر، يعني: إذا كان مقصودًا المعدود وحُذِف من اللفظ حِينئذٍ الأفصح أنك تعامله معاملة الموجود.

فإذا قيل لك: كم عندك من الرجال؟ تقول: ثلاثةٌ، ويجوز أن تقول: ثلاثٌ بدون تاء، ولا يَتعيَّن هنا التأنيث، وإنَّما يكون من باب فصيح وأفصح، فالأفصح أن تقول: ثلاثةٌ، يعني: ثلاثة رجال .. كأنك نطقت به، لأنَّه مقصود، وإذا حذفت التاء قلت: ثلاثٌ، حِينئذٍ نقول: هذا سائغٌ كذلك وفصيح.

فالفصيح أن يكون كما لو ذُكِر، فتقول: صمت خمسةً وتريد أياماً، وسرت خمسًا تريد ليال، خمس ليال، خمسةً يعني: خمسة أيام.

ويجوز أن تحذف التاء في المذكر، ومنه: {وَأَتْبَعهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّال} هذا وارد في النَّص، (بِسِتٍّ) هنا جَرَّده من التاء، هل يدلُّ تَجرِيده من التاء على أن المُميِّز مؤنَّث؟ لا يدل، لأنَّ ذلك الحكم إذا ذُكِر المعدد .. المُميِّز، وأمَّا إذا حذف فلا، فيجوز فيه الوجهان: التذكير والتأنيث، والأفصح التأنيث.

حِينئذٍ {فَأَتْبَعهُ بِسِتٍّ} الأصل: بستة أيامٍ، لأنَّ الصَّوم يكون في اليوم لا في الليلة، فدلَّ على أنَّ المحذوف هو اليوم .. أيام، واليوم هذا مذكر، والأصل أنْ يقول: بستة أيام، لكن حذف، والقاعدة إنَّما تكون مُطَّرِدة أو واجبة فيما إذا ذُكِر المعدود، وأمَّا إذا لم يذكر حِينئذٍ نقول: يجوز فيه الوجهان، والأفصح أن يُعامل معاملة المذكور.

وبعضهم ألحق بهذا: ما إذا تَقدَّم الموصوف، المعدود إذا تَقدَّم جاز فيه التذكير والتأنيث، حِينئذٍ تُحمل هذه القاعدة على أمرين، يعني:

ثَلاَثَةً بِالتَّاءِ قُلْ لِلْعَشَرَهْ ... فِي عَدِّ مَا آحَادُهُ مُذَكَّرَهْ

فِي الضِّدِّ جَرِّدْ. . . . . . . ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015