إذاً: أن يكون قابلاً للتأخير فلا يُخبر عَمَّا يلزم التقديم، وهو ما له صدر الكلام كأسْماء الشَّرط والاستفهام نحو: (من) و (مَا) و (كم) الخبريَّة، و (مَا) التَّعجبيَّة، وضمير الشأن، فلا يُخبر عن (أيهم) من قولك: أيهم في الدار، لأنَّك تقول: الذي هو الدار أيهم، وهذا باطل، فتزيل الاستفهام عن صدريَّتِه.
إذً: قَبُولُ تَأْخِيْرٍ أن يكون هذا الاسم قابلاً للتأخير، فإن لم يقبل التأخير فيما إذا كان له صدر الكلام لا يجوز الإخبار عنه بـ: (الَّذِيْ).
- (وَتَعْرِيفٍ): أن يكون قابلاً للتَّعريف، وهذا احترز به عن واجب التنكير، وهو الحال والتمييز، لأنَّك لو قلت في: جاء زيدٌ ضاحكاً، أخبر عن (ضاحكاً) بـ: (الَّذِيْ) الذي جاء زيدٌ إياه ضاحكٌ، لأنَّك ستأتي بضمير يَحلُّ مَحلَّ الاسم الذي جعلته خبراً، يَحلُّ مَحلَّه .. مثله، هل يَصِح أن يكون الضمير حالاً؟ إذا قلت: جاء الذي .. الذي جاء إياه .. الذي جاء زيدٌ إياه ضاحكٌ، أخذت (ضاحك) فجعلته خبراً، لا بُدَّ أن تَخلُفه بضمير يكون مَحلَّه، حِينئذٍ جعلت (إياه) حالاً وهو ضمير.
حِينئذٍ لا يَجوز أن يكون الضمير حالاً لأن الحال لا يكون إلا نكرة، والضمير لا يكون إلا معرفة، إذاً: مُمتنع، لذلك قال: (قَبُولُ تَأْخيْرٍ وَقَبُولُ تَعْرِيفٍ) فما كان لا يقبل التعريف لا يجوز، لأنَّك ستجعل الضمير قائماً مقام الاسم المسئول عنه .. مثله .. يعرب إعرابه: جاء زيدٌ ضاحكاً .. الذي جاء زيدٌ إياه ضاحكٌ، نقول: جعلت الضمير هنا حالاً وهذا لا يجوز، لأنَّه لا يقبل التعريف.
إذاً: الشَّرط الثاني أن يكون قابلاً للتعريف، فلا يُخبر عَمَّا يلزم التنكير كالحال والتمييز، لأنَّك لو قلت في (جاء زيدٌ ضاحكاً): الذي جاء زيدٌ إياه ضاحكٌ، لكنت قد نَصبْت الضمير على الحال وذلك ممتنع، لأنَّ الحال واجب التنكير، لأنَّك ستُخلِف هذا الموضع الاسم المسئول عنه بضميرٍ يُعرب أعرابه، فإذا قلت: الذي جاء زيدٌ إياه، (إياه) حال، كيف يكون (إياه) حال؟ هذا ضمير لا يصح أن يعرب حالاً، لأنَّ الحال واجب التنكير.
قَبُولُ تَأْخيْرٍ وَتَعْرِيفٍ لِمَا ... أُخْبِرَ عَنْهُ. . . . . . . . . . .
يعني: للذي أخبر عنه .. الاسم الذي أُخْبِر عنه، (هَا هُنَا) في هذا الموضع (قَدْ حُتِمَا) الألف للإطلاق، يعني: تَعيَّن.
- (كَذَا الْغِنَى عَنْهُ بِأَجْنَبِيٍّ) هذا الشَّرط الثالث: أن يكون صالحاً للاستغناء عنه بأجنبي، فلا يُخبَر عن الضمير الرَّابط للجملة الواقعة خبراً، يعني: هل يصِح أنْ تَحذف الضمير وتأتي باسمٍ أجنبي كـ: بكر، وعمرو، وزيد، أم لا؟ إنْ صَحَّ حِينئذٍ صَحَّ وإلا فلا.