قلنا: هي شرطيَّة بدليل وقوع الفاء في جوابها، إذاً: تحتاج إلى جواب، لو قلت قبل إنابة (أمَّا): مهما يكن من شيءٍ فزيدٌ قائمٌ، حِينئذٍ حُذِفت: مهما يكن من شيء، وجيء بـ: (أمَّا) أمَّا فزيدٌ قائمٌ هذا أصل التركيب، لكن ابن مالك يقول: (وَفَا) التي هي فاء السَّببيَّة والواقعة في جواب الشَّرط (لِتِلْوِ تِلْوِهَا) ما هو تلو تلو؟ أمَّا زيدٌ قائمٌ، الذي يتلوها (زيد) والذي يتلو تاليها: (قائمٌ) (وَفَا لِتِلْوِ تِلْوِهَا) ليس للتالي لها، وإنَّما تدخل على تالي تاليها، يعني: الذي لا يتبعها هي مباشرة بل الذي يكون بعده، يعني: إذا عددنا يكون الثاني بعدها.

أمَّا زيدٌ فمنطلقٌ، أصل التركيب: أمَّا فزيدٌ منطلق، لأن: (زيدٌ منطلقٌ) الجملة الاسْميَّة هي الواقعة في جواب الشَّرط قبل إنابة (أمَّا) فتقول: مهما يكن من شيء فزيدٌ منطلق .. أمَّا فزيدٌ منطلقٌ، حِينئذٍ زُحْلِقت الفاء إلى الخبر استِكْراهاً أنْ تكون بعد (أمَّا) الفاء الواقعة في جواب الشَّرط.

إذاً: (وَفَا) هذا مبتدأ، (لِتِلْوِ تِلْوِهَا) (لِتِلْوِ) يعني: تابع، (تِلْوِهَا) يعني: تابعها (أمَّا) الضمير هنا يعود على (أمَّا).

(وُجُوباً) هذا حالٌ من الضمير في (أُلِفَا) .. (أُلِفَا) هذا خبر المبتدأ، والألف للإطلاق.

(وَفَا) مبتدأ قلنا قصره للضَّرورة، والفاء أُلفا وجوباً يعني: مألوفاً، (وُجُوباً) حكمه الوجوب هذا حال من الفاعل المستتر في (أُلِفَا) (لِتِلْوِ تِلْوِهَا) .. (لِتِلْوِ تِلْوِهَا) هذا مُتعلِّق بقوله: (أُلِفَا).

إذاً: يجب دخول الفاء لتلو تلو لا لتلو (أمَّا) لأنَّه لا يتلوها الفاء كما سيأتي.

إذاً: (وَفَا لِتِلْوِ تِلْوِهَا) يعني: أنَّ الفاء تدخل على تالي تاليها، يعني: الذي يتلو الذي بعدها، أمَّا الذي يتلوها مباشرةً فلا تدخل بعده الفاء وإنْ كان هو مَحلَّها الأصلي، هذه الفاء مُؤخَّرة من تقديم، لأنَّ: أمَّا زيدٌ فقائمٌ .. أمَّا زيدٌ فذاهبٌ .. أمَّا زيدٌ فمنطلقٌ، (أمَّا زيدٌ) ثُم جاءت الفاء .. دخلت على تالي التِّلوْ، (فمنطلقٌ) أصل هذا التركيب: أمَّا زيدٌ فقائمٌ، أصله: مهما يكن من شيءٍ فزيدٌ قائمٌ، انظر! الفاء دخلت على (زيد) المبتدأ، وهنا: أمَّا زيدٌ فمنطلقٌ دخلت الخبر، الفاء هنا دخلت على الخبر.

مهما يكن من شيءٍ فزيدٌ منطلقٌ، الفاء هنا دخلت على المبتدأ، هذا أصلها أنَّها تكون داخلةً على المبتدأ، لأنَّه كما سبق: أنَّ الجواب إذا كان جملةً اسْميَّة وجب أن يقترن بالفاء، حِينئذٍ يدخل على الجملة الاسْميَّة لا يدخل على الجزء الثاني وهو الخبر وإنَّما يدخل على المبتدأ هذا هو الأصل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015