(أمَّا كَمَهْمَا يَكُ مِنْ شَيءٍ) (مَهْمَا) اسم شرط كما سبق، وهي اسمٌ على الصَّحيح، و (يَكُ) هذا فعل الشَّرط مجزومٌ بـ: (مَهْمَا)، و (مِنْ شَيءٍ) جار ومجرور مُتعلِّق بمحذوف، (أمَّا) إذا قيل: أمَّا زيدٌ فمُنطلق، أصل التركيب: مهما يكن من شيء فزيدٌ منطلق، فحُذفت (مهما) اسم الشَّرط، ثُم حُذف فعل الشَّرط (يكُ)، ثُم حُذِف (من شيء) إذاً: ثلاثة أشياء، اسمٌ وفعلٌ ومُتعلِّق بفعل الشَّرط، هذه كلها حذفت وأقيم مقامها (أَمَّا).

إذاً: (أَمَّا) نائبةٌ عن اسم شرط، وفعل شرطٍ، ومُتعلِّق فعل الشَّرط، وهذا وجه كونها مضمَّنة معنى الشَّرط، لأنَّها أقيمت وأنيبت مناب اسم الشَّرط وهو (مَهْمَا) وإذا كان كذلك حِينئذٍ صار فيها معنى الشَّرط.

إذاً: (أَمَّا كَمَهْمَا) في أي شيء؟ في كونها صالحةً أن تَحُلَّ مَحلَّها، ليست مثلها، لأنَّ (أمَّا) حرف، و (مَهْمَا) اسمٌ وفعلٌ، (أمَّا كَمَهْمَا يَكُ مِنْ شَيءٍ) .. (مَهْمَا يَكُ) هذا اسمٌ وفعلٌ، فكيف يكون الحرف مساوياً ومُشبَّهاً للاسم والفعل؟ ليس هذا المراد، وإنَّما المراد (أَمَّا كَمَهْمَا) أي: موضع (أمَّا) صالحٌ لـ: (مَهْمَا يَكُ مِنْ شَيءٍ) لأنَّ معناها هذا.

إذا أردْتَ أن تُفسِّر (أمَّا) ما المعنى .. ما المراد؟ تقول: (مَهْمَا يَكُ مِنْ شَيءٍ) لأنَّ أصل التركيب هو هذا، فحذف: (مَهْمَا يَكُ مِنْ شَيءٍ) وأقيم مقامه (أمَّا) حِينئذٍ نابت مناب الشَّرط.

لا يريد به أنَّ معنى (أَمَّا) كمعنى (مَهْمَا) وشرطِها، لأنَّ (أمَّا) حرفٌ، فكيف يصح أن تكون بمعنى اسمٍ وفعلٍ؟! هذا بعيد، لأنَّ الحرف لا يَدلُّ على معنى، و (مَهْمَا) اسمٌ تدلُّ على معنى، إذاً: كيف يكون مثله؟! لا .. ليس هذا المراد، وإنَّما المراد أنَّها صالحةٌ في هذا الموضع أنْ يُحذَف (أمَّا) ويؤتى بدلها بـ: (مَهْمَا يَكُ مِنْ شَيءٍ بعد) كما هو الشأن في المقدِّمات.

لأنَّ (أمَّا) حرفٌ، فكيف يصح أن تكون بمعنى اسمٍ وفعلٍ؟! وإنَّما المراد أنَّ موضعها صالحٌ لهما، وهي قائمةٌ مقامهما لتضَمُّنها معنى الشَّرط.

إذاً: (أَمَّا كَمَهْمَا يَكُ مِنْ شَيءٍ) نقول: (كَمَهْمَا يَكُ مِنْ شَيءٍ) الكاف داخلة على شيءٍ واحد، جملة قُصدت حكايتها، والكاف حرف جر، حِينئذٍ نقول: الجار والمجرور مُتعلِّق بمحذوف خبر (أَمَّا) فـ: (أَمَّا) هنا مبتدأٌ، والخبر مُتعلَّق الجار والمجرور (كَمَهْمَا يَكُ مِنْ شَيءٍ).

إذاً: تُفسَّر (أَمَّا) بهذا التركيب: (مَهْمَا يَكُ مِنْ شَيءٍ).

ثُم قال:

. . . . . . . . . . . . وَفَا ... لِتِلْوِ تِلْوِهَا وُجُوباً أُلِفَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015