وكذلك اللام: (وَلاَمٍ) فتكون للأمر وتكون للدعاء، يعني: تكون لام الأمر للأمر حقيقةً، كأن يكون من أعلى إلى أدنى، هذا يُسمَّى: لام الأمر، ومن أعلى إلى أدنى يُسمَّى: دعاء، ومن مساوي إلى مساوي يُسمَّى: التماس هذا المشهور، وإن كان هذا لا يدلُّ عليه لسان العرب، وإنما يدل على أنَّ كل أمرٍ يكون من أعلى إلى أدنى، هذا الأصل فيه، وأمَّا الالتماس فهذا الظَّاهر أنه مُصطنع .. اصطلاح.

إذاً: اللام تكون للأمر نَحو: ((لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ)) [الطلاق:7] (لِيُنفِقْ) تقول: اللام لام الأمر حرفٌ مبنيٌ على الكسر لا مَحلَّ له من الإعراب، و (يُنفِقْ) فعلٌ مضارعٌ مجزومٌ بلام الأمر، وجزمه سكون آخره: يُنفق هو ذو سعة، وكذلك تأتي لام الأمر للدعاء: ((لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ)) [الزخرف:77] (لِيَقْضِ) اللام لام الأمر حرفٌ مبنيٌ على الكسر لا مَحلَّ له من الإعراب، (يَقْضِ) فعل مضارع مَجزوم بلام الأمر، وجزمه حذف حرف العِلَّة الياء، والكسرة دليلٌ عليه ((لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ)) [الزخرف:77] (رَبُّكَ) فاعل.

إذاً: جاءت اللام .. لام الأمر، أو اللام الطلبيَّة مراداً بها الأمر حقيقةً، وذلك فيما إذا كان من أعلى إلى أدنى: ((لِيُنفِقْ)) [الطلاق:7] وكذلك الدُّعائيَّة إذا كانت من أدنى إلى أعلى: ((لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ)) [الزخرف:77].

وقد دخل تَحت الطَّلب الأمر والنَّهي والدعاء، إذاً: الأمر والنهي والدعاء في (لاَ) الناهيَّة ولام الأمر، كلٌ منهما يُعبَّر عنه بأنه: طلب، لأنه قال: (بِلاَ وَلاَمٍ طَالِباً) فقوله: (طَالِباً) يشمل النهي في (لاَ)، ويشمل الدعاء في (لاَ)، ويشمل الأمر من أعلى إلى أدنى في لام الأمر، ويشمل الأمر الذي هو الطَّلب من الأدنى إلى الأعلى، الذي يُسمَّى بالدعاء وهو في حقيقته أمرٌ، لكن إذا كان من جهة المخلوق إلى الخالق تُسمَّى لام الأمر دعاءً تأدباً فحسب، وإلا الأصل اللغة لم تُفرق، لأن هذا اصطلاح.

فالعرب الفصيح لم يقل: هذه اللام دعائيَّة وهذه اللام طَلبيَّة، لم يرد هذا، وإنَّما هو استنباط من عند النُّحاة والبيانيين، حِينئذٍ نقول: المسألة اصطلاحيَّة فحسب، وإلا الأمر هو الطلبٌ من أعلى إلى أدنى مُطلقاً.

إذاً: دخل تحت قوله: (طَالِباً) أي: آمراً أو ناهياً أو داعياً أو مُلتمساً، والالتماس: هو أن يقول الرجل لصاحبه .. لقرينه .. ليس بأعلى ولا أدنى: لتضرب زيداً، لتضرب قالوا: هذه اللام هنا ليس دعاء وليس لام الأمر، وإنما هو التماس، إذا كان من المساوي للمساوي .. القرين للقرين .. الصديق لصديقه، ليس بأعلى منه ولا بأدنى، نقول: هذا التفريق كله مُجرَّد اصطلاح فحسب.

إذاً: دخل تحت قوله: (بِلاَ وَلاَمٍ طَالِباً) دخل الطَّلب: الأمر والنَّهي والدعاء في النوعين، والاحتراز به من غير الطَّلبيتين مثل: (لا) النَّافية والزائدة، واللام التي ينتصب بعدها المضارع، إذاً: ليس كل لام، وليس كل (لا)، لأن اللام تأتي كما سبق حرف جر، ينتصب بعدها الفعل المضارع ليست طَلبيَّة، إنَّما هي حرف جر .. تعليل ونحو ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015