(ضَعْ) هذا فعل أمر من: وضع .. يضع .. ضع، وسبق أنَّ وضع يضع، حذفت الواو لوقوعها بين عدوتيها، مثل: وعد .. يعد، (وعَدَ) واوي .. من باب (يَفْعِلُ) حِينئذٍ إذا قيل في المضارع: يَعِدُ، نقول: أصله: يَوعِـ .. وقعت الواو بين الفتحة .. الياء، وبين الكسرة فحذفت، حِينئذٍ حذفت لِعلة تصريفيَّة، يَوعِد .. يَعِد، وضَعَ .. يَوضِع، يعني: نُقِل من باب (فَعَل يَفْعَل) إلى: (يَفْعِل) من أجل إسقاط الواو.
إذاً: (ضَعْ) نقول: هذا فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره: أنْتَ، (جَزْمَاً) هذا مفعولٌ به.
(بِلاَ) جار ومجرور مُتعلِّق بقوله: (ضَعْ): ضع جزماً بلا، (وَلاَمٍ) هذا معطوفٌ عليه، (طَالِباً): ضع أنْتَ حال كونك طالباً، فدلَّ على أنَّ المراد (بِلاَ وَلاَمٍ) مَمَّا يدلُّ على الطَّلب، (فِي الْفِعْلِ) هذا مُتعلِّق بقوله: (ضَعْ): ضَع جزماً في الفعل بـ: (لا ولامٍ) حال كونك طالباً بـ: (لا ولامٍ) يعني: كلٌ منهما طلبيَّة، بـ: (لا) الطَّلبيَّة، وهي الناهية أو الدعائية، وبـ: (لامٍ) الطَّلبيَّة وهي لام الأمر أو الدعاء.
(هَكَذَا بِلَمْ وَلَمَّا) (هَكَذَا) الهاء حرف تنبيه، (كَذَا بِلَمْ) كلاهما جار ومَجرور متعلقان بفعلٍ محذوف دلَّ عليه الأول، أي: وضع جزماً بـ: (لَمْ) و (لَمَّا) (فِي الْفِعْلِ) يعني: في الفعل المضارع، ولذلك أطلقه هنا، وكما سبق أنَّه إذا أطلق في مَقام الإعراب الفعل فالمراد به الفعل المضار.
إذاً: هذه أربع أدوات تَجزم الفعل المضارع، ويكون فعلاً واحداً ولا تحتاج إلى شرطٍ ولا جواب، أي: تَجزم (لا واللام) الطلبيتان الفعل المضارع، أمَّا (لا) فتكون للنَّهي، نحو: ((لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)) [التوبة:40] .. ((لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ)) [لقمان:13] (لا) ناهية هنا، وهي جازمة للفعل المضارع، تفتقر إلى فعلٍ واحد فقط فيظهر أثرها فيه، ولا تحتاج إلى فعلٍ آخر.
إذاً: (لاَ) تكون للنَّهي وهي طَلبيَّة: ((لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ)) [لقمان:13] .. ((لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)) [التوبة:40] وكذلك تأتي (لاَ) الطلبيَّة للدعاء، هو نهيٌ لكن تأدباً يُقال فيه: الدعاء، ((لا تُؤَاخِذْنَا)) [البقرة:286] .. ((رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا)) [البقرة:286] (لاَ) هذه ناهية في الأصل، لكن يُقال: دعائيَّة، أو طلبيَّة دعائيَّة من باب التأدب فحسب، وإلا فهي في حقيقة الأمر تكون للنهي.
((لا تُؤَاخِذْنَا)) [البقرة:286] فـ: (لاَ) هذه نقول: طالبة لعدم المؤاخذة، فـ: (تُؤَاخِذْنَا) فعل مضارع مَجزوم بـ: (لاَ) النَّاهيَّة، وجزمه سكون آخره: ((لا تُؤَاخِذْنَا)) [البقرة:286] (لا) حرف نهي مبنيٌ على السكون لا مَحلَّ له من الإعراب.
كذلك: ((لا تُشْرِكْ)) [لقمان:13] (لا) حرف نهي مبني على السكون لا مَحلَّ له من الإعراب، و (تُشْرِكْ) فعل مضارع مجزوم بـ: (لا) النَّاهيَّة، وجزمه سكون آخره، والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره: أنت، و (بِاللَّهِ) مُتعلِّق به، إذاً: تكون (لا) طلبيَّة ويُفسَّر الطَّلبي هنا بالنَّهي والدعاء، النهي كقوله: ((لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ)) [لقمان:13] والدعاء كقوله: ((رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا)) [البقرة:286].