وَسَمِّ مُعْتَلاًّ مِنَ الأَسْمَاءِ مَا ... كالْمُصْطَفى والمُرتْقَيِ مَكَارِمَا

وأما النقص هنا فالمراد به ما حذفت لامه، الذي حذفت لامه يسمى منقوصاً لغةً، وهو صحيح؛ لأن أصله ثلاثي فنقص منه حرف فهو ناقص، إذاً: النقص في هذا الأخير وهو: (هنُ) أحسن من الإتمام.

إذاً: هذا تصريح بما تضمنه قوله: وهنُ كذاك؛ لأنه فصل بينهما وقلنا: أراد ماذا؟ أراد أنه دونه في المرتبة، دون أبٍ وأخٍ وحمٍ في المرتبة، صرح بهذا المفهوم بقوله: والنقص، أي: -حذف- عدم إرجاع الواو في هنِ، في هذا الأخير وهو هنُ أحسن من الإتمام، وهو الإعراب بالأحرف الثلاثة، ولذلك أخره.

أحسنُ: المراد به أكثر استعمالاً، ولا يقال فيه: إنه ليس بفصيح لا، لأنه ليس بنادر، بمعنى: أنه قليل السماع، لا سمع لكنه، باعتبار الإتمام أكثر، فأكثر استعمالاً هنُك من هنوك، وكلاهما منقول، وكلاهما مسموع، لكنه من باب فصيح وأفصح، كما يقال: صحيح وأصح، أليس كذلك؟ نقول: صحيح وأصح اشتركا في الصحة، هنا اشتركا في السماع، وكلاهما فصيح، إلا أن هنُك أفصح من هنُوك، لماذا؟ لأن العرب إذا استعملت شيئاً أكثر من غيره دل على أنه هو المقصود بالذات.

والنَّقْصُ فِي هذا الأَخِيرِ وهو هنو أَحْسَنُ، يعني: من الإتمام.

وَفِي أبٍ وَتَالِيَيْهِ يَنْدُرُ .. وَفِي أبٍ وَتَالِيَيْهِ: تثنية تالي، ما هما اللذان تليا أب؟ أخٌ وحمٌ، إذاً: إشارة إلى ما سبق في البيت السابق، وفي أبٍ وأخٍ وحمٍ يندر، يعني: يقل، الضمير يعود إلى أي شيء؟ إلى النقص، سُمِع:

بِأَبِهِ اقْتَدَى عَدِىٌّ في الْكَرَمْ ... وَمَنْ يُشَابِهْ أَبَهُ فَمَا ظَلَمْ

إن كان كريماً فهو كريم، بخيل بخيل، بأبه؟ -استنبطوا-، بأبه: الباء حرف جر، وأبه: قلنا أبٌ أصلها: أبَوٌ، هنا وجد الشرط شرط الإتمام، شرط الإتمام وهو الإضافة إلى الضمير، بأبه: لو أجراه على لغة الإتمام لقال: بأبيه، لكنه لم يرُد المحذوف اللام، وإنما أبقاه ناقصاً على ما هو عليه، وأظهر الكسر على الباء، فدل على أنه معرب بالحركات.

بأبه اقتدى عدي في الكرم ومن يشابه أبه .. أبه: ما إعرابها؟ مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة، لو قال قائل: أبٌ هذا يعرب بماذا؟ بالواو؛ لأنه من الأسماء الستة، وهنا قد وجد الشرط تحققت الشروط، في هذا التركيب نقول: يجوز لك الوجهان: إما الإتمام وإما النقص، ولذلك قلنا: وارفع بواو .. ارفع هذه صيغة افعل، والأصل أن افعل يدل على الوجوب لغةً وشرعاً، الشرع لا شك فيه، وأما اللغة فالصحيح أنه يدل لغةً على الوجوب.

وارفع، هل المراد به أنه إذا توفرت الشروط شروط الإتمام، وإعماله على أن يعرب بالحروف يجب أو يجوز؟ لا، يجوز ولا نقول: يجب، بدليل: وَفِي أبٍ وَتَالِيَيْهِ يَنْدُرُ جاز النقص مع استيفاء الشروط، وهذه قرينة صارفة لقوله: افعل على الوجوب لا الندب والجواز، وارفع بواو، إذاً هذا جائز، وليس بواجب، بدليل: وَفِي أبٍ وَتَالِيَيْهِ يَنْدُرُ، تجعله قرينة صارفة.

بِأَبِهِ اقْتَدَى عَدِىٌّ في الْكَرَمْ ... وَمَنْ يُشَابِهْ أَبَهُ فَمَا ظَلَمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015