إذاً: ينصب الفعل المضارع بعد (حَتَّى) بـ (أَنْ) مضمرةً وجوباً بشرط: أن يكون مستقبلاً، فإن كان حالاً أو مُؤَوَّلاً بالحال تعيَّن الرفع مع بقية الشروط، وإذا كان منصوباً فـ (حَتَّى) حينئذٍ تكون حرف جر، وإذا كان ما بعدها مرفوعاً فـ (حَتَّى) تكون ابتدائيةً.

قال هنا: فتقول: سِرْتُ حَتَّى أَدْخُلُ البَلد بالرفع، إن قلته وأنت داخل، هذا حقيقةً، وكذلك إن كان الدخول قد وقع وقَصَدْتَ به حكاية تلك الحال .. تُخبِر غيرك نحو: كُنْتُ سِرْتُ حَتَّى أُدْخُلُها، حينئذٍ ترفع الفعل بعد (حَتَّى) وتكون (حَتَّى) ابتدائية.

وَبَعْدَ فَا جَوَابِ نَفْيٍ اوْ طَلَبْ ... مَحْضَيْنِ أَنْ وَسَتْرُهَا حَتْمٌ نَصَبْ

هذا الموضع الرابع مِمَّا يجب فيه إضمار (أَنْ) بعد فاء السَّببيَّة.

(أَنْ) مبتدأ، (نَصَبْ) الجملة خبر.

بَعْدَ فَا جوابِ نَفِيٍ أو طَلَبْ ..

(وسَتْرُهَا حَتمٌ) مبتدأ وخبر، الجملة حالٌ من فاعل (نَصَبْ)، (أَنْ) مبتدأ (نَصَبَ) الفاعل ضمير مستتر يعود على (أَنْ) حال كونها (سَتْرُهَا حَتمٌ) وَجَبَ.

وَبَعْدَ فَا جَوَابِ نَفْيٍ أَوْ طَلَبْ ... مَحْضَيْنِ. . . . . . . . . . . . .

إذاً: يجب إضمار (أَنْ) ونصب الفعل المضارع بـ (أَنْ) مضمرةً بعد فاء السَّببيَّة بهذين الشرطين اللذين ذكرهما النَّاظم:

أن يكونا (جَوَابِ نَفِيٍ أَوْ طَلَبْ)، وأن يكونا (مَحْضَينِ).

(وَبَعْدَ) هذا منصوب مُتعلِّق بقوله: (نَصَبْ) وهو مضاف، و (فَا) قَصَره للضَّرورة: مضاف إليه، (فَا) مضاف، و (جَوَابِ) مضاف إليه، و (جَوَابِ) مضاف، و (نَفِيٍ) مضافٌ إليه، كم مضاف؟ أربعة: (بَعْدَ) مضاف، و (فَا) مضاف، و (جَوَابِ) مضاف هذه ثلاثة، و (نَفِيٍ) مضاف إليه و (جَوَابِ) مضاف إليه، و (فَا) مضاف إليه، اعتدلت، القسمة ثلاثية، فثلاث مضاف، وثلاث مضافٌ إليه.

وَبَعْدَ فَا جَوَابِ نَفِيٍ أَوْ طَلَبْ ..

(أَوْ طَلَبْ) يعني: جواب طلب، معطوف على (نَفِيٍ)، (مَحْضَينِ) هذا نعت، كأنه قال: بَعْدَ فَا جَوَابِ نَفِيٍ مَحْضٍ أَوْ طَلَبٍ مَحْضٍ: نعتٌ لهما فاتَّحدَ اللفظ وتَعيَّن .. جاء زيدٌ وعمرو الفاضلان، قلنا: يَتعيَّن التَّثنية هنا .. إذا اتَّحدَ اللفظ والمعنى، هنا كذلك فـ (مَحْضَينِ) أصله: جواب نفيٍ محضٍ أو طلبٍ محضٍ، نعتٌ لـ (نَفِي) ولـ (طَلَبْ) فحينئذٍ لَمَّا اتَّحدا لفظاً ومعنىً وجب التَّثنية، قيل (مَحْضَينِ) إذاً: نعتٌ لهما .. نعتٌ لـ (نَفِيٍ أَوْ طَلَبْ).

(وَبَعْدَ فَا) المراد بها: فاء السَّببيَّة، أي: التي قُصِد بها سببيَّة ما قبلها لِمَا بعدها، كما ذكرناه سابقاً: أنّه يُعْطَف بها لقصد السببية، فالسببية معنىً أعم: سها فسجد، واضح هذا أنَّها للسَّببية فالسجود مُسَبَّبٌ عن السهو، والسهو سببٌ للسجود، هذا المراد بالسَّببية: أنَّ ما بعدها يكون مرتباً في الوجود على ما قبلها، وما قبلها له أثرٌ في وجود ما بعدها .. سَبب وَمُسَبَّبْ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015