إذاً الشرط الثالث: أن يكون الفعل فَضْلةً، وذلك إنَّما يكون إذا كان ما قبلها تامَّاً فيجب النصب في نحو: سيَري حَتَّى أدخلَها، قبلها (سَيري) هذا مصدر مضاف، هل تَمَّت الجملة؟ لم تتمَّ الجملة، إذاً: لا بُدَّ أن يكون (حَتَّى) وما بعدها مُتعلِّقاً به لِيُتَمِّم الجملة.

وكذا في قولك: كان سيري أمسِ حَتَّى أدخلها، إذا جعلت (كان) ناقصة، و (سَيري) اسمها، و (أمس) ليس متعلِّقاً بـ (خبر)، حينئذٍ (حَتَّى أدخلها) تَعيَّن النصب، وإذا جعلت (أمس) هذا هو الخبر، و (سَيري) اسمها، حينئذٍ صار جملةً تامة فجاز الرَّفع.

إن قدَّرت (كان) ناقصةً ولم تُقدِّر الظرف خبراً بِخلاف: أيُّهم سار حَتَّى يدخلُها، فإنَّ السَّيْر ثابت والشَّكُّ في الفاعل، أيُّهم سار حتى يدخلُها؟ هنا الرفع جائز، لأنَّ السَّيْر ثابت، وإنَّما الشَّكُّ في فاعل السَّيْر.

و (حَتَّى) التي يُنْصَب الفعل بعدها لها معنيان:

- تارةً تكون بمعنى (كي)، وذلك إذا كان ما قبلها عِلَّةً لِمَا بعدها: أسلم حَتَّى تدخلَ الجنة.

- وتارةً تكون بمعنى (إلى) وذلك إذا كان ما بعدها غاية لما قبلها، كقوله: ((لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى)) [طه:91] ولأسيرنّ حتى تطلعَ الشمس، وقد تَصلُح للمعنيين معاً، كقوله: ((فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي)) [الحجرات:9].

إذاً نقول: يَتعيَّن رفع ما بعد (حَتَّى) بالشروط الثلاثة السابقة:

- أن يكون حالاً حقيقةً أو مُؤَوَّلاً به والثاني على الصحيح.

- الثاني: أن يكون ما بعدها مُسبَّباً عمَّا قبلها.

- الثالث: أن يكون ما قبلها تامَّاً بِحيث لا يُفْتَقر إلى ما بعد (حَتَّى).

وَتِلْوَ حَتَّى حَالاً اوْ مُؤَوَّلاَ ... بِهِ ?رْفَعَنَّ. . . . . . . . . . .

ارْفَعْنَّ تِلْوَ حَتَّى، ما هو: تِلْوَ حَتَّى؟ يعني: الذي يتلوها، (تِلْوَ حَتَّى) يعني: تابع حَتَّى، المراد به: الفعل المضارع.

(تِلْوَ حَتَّى) يعني: الذي يتبع ويكون تالياً لـ (حَتَّى) ارفعه، متى؟ (حَالاً) هذا حالٌ من (تِلْو)، تِلْوَ حَتَّى ارْفَعَنَّ، هنا تَقدَّم معمول الفعل المؤكَّد وهذا المشهور عند المتأخرين أو مُمتنع لا يَتقدَّم معمول الفعل المؤكد عليه البتَّة، وهنا يقال فيه: بأنَّه ضرورة.

(تِلْوَ) هذا مفعولٌ به لقوله: (ارْفَعْنَّ)، (وَتِلْوَ) مضاف، و (حَتَّى) قُصِد لفظه مضافٌ إليه، و (حَالاً) حالٌ من (تِلْوَ حَتَّى) يعني المراد به: الزمن الحال لا الاستقبال، (أَوْ مُؤوَّلاً بِهِ) يعني: بالحال، معطوفٌ على قوله: (حَالاً)، ولك أن تقول: (حَالاً أَوْ مُؤَوَّلاَ) حَالان من (تِلْوَ حَتَّى)، وعلامة ذلك: صلاحية جعل الفاء في موضع (حَتَّى)، ويجب حينئذٍ أن يكون ما بعدها فَضْلةً مُسَبَّباً عمَّا قبلها.

(ارْفَعْنَّ) هذا يدل على الوجوب في الموضعين، خلافاً لِمَا اشتهر عند بعضهم: أنَّه إذا كان مُؤَوَّلاً بالحال فيجوز الرَّفع، والصواب: أنَّه يجب، (وَانْصِبِ المُسْتَقْبَلاَ) الألف للإطلاق، و (المُسْتَقْبَلاَ) مفعولٌ به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015