((عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى)) [المزمل:20] (سَيَكُونُ) نقول: (يكون) بالرَّفْع هنا، وسبقها (أنْ) (عَلِمَ أَنْ) (أنْ) هذه قَطعاً قولاً واحداً مُخفَّفَة من الثقيلة، يعني: أخت (إنَّ):

وَإِنْ تُخَفَّفْ أَنَّ فَاسْمُهَا اسْتَكَنّ ... وَالْخَبَرَ اجْعَلْ جُمْلَةً مِنْ بَعْدِ أَنّ

وَإِنْ يَكُنْ فِعْلاً وَلَمْ يَكُنْ دُعَا ... وَلَمْ يَكُنْ تَصْرِيفُهُ مُمْتَنِعَا

فَالأَحْسَنُ الْفَصْلُ بِقَدْ أَوْ نَفْيٍ اوْ ... تَنْفِيسٍ اوْ لَوْ وَقَلِيلٌ ذِكْرُ لَوْ

الأحكام السابقة كلها تَتَعلَّق بـ: (أنْ) هنا، ولذلك جاء: ((عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ)) [المزمل:20] فُصِلَ بين (أنْ) ومدخولها الذي هو الخبر بالسِّيِن وهو واجبٌ أو أحسن، على الخلاف السابق الذي ذكرناه في مَحلِّه.

إذاً: إذا سُبقت بِما يَدلُّ على العِلْم فهي (أنْ) مُخفَّفَة من الثقيلة، فيجب في الفعل أمران:

- الأول: رفعه ولا يجوز نصبه.

- والثاني: فَصْله بفاصلٍ من الأربعة التي ذكرناها سابقاً، ومنه المثال الذي ذكرناه: ((عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى)) [المزمل:20] فـ: (سَيَكُونُ) نقول: الجملة في مَحلِّ رفع خبر (أنْ) و (أنْ) محذوفة الاسم وجوباً: (وَإِنْ تُخَفَّفْ أَنَّ فَاسْمُهَا اسْتَكَنّْ).

(أَنْهُ سَيَكُونُ)، ضمير الشأن محذوف، وهو اسم (أنْ) والجملة التي بعد (سَيَكُونُ) في محل رفع خبر (أنْ) لأنها مُخفَّفَة من الثقيلة، هذا إذا سبقها ما يَدلُّ على العِلْم، وأمَّا إن سبقها ما يَدلُّ على الظن ففيه وجهان: يَجوز فيه الرَّفع، ويَجوز فيه النَّصب، ولذلك قال:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . ... . . . . . . . . وَالَّتِي مِنْ بَعْدِ ظَنّْ

فَانْصِبْ بِهَا وَالرَّفْعَ صَحِّحْ. . . . . ... . . . . . . . . . . . .. . . . . . . .

(فَانْصِبْ بِهَا) قَدَّم النَّصب لأنه أرجح، ولذلك أجمع القراء عليه في قوله: ((أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا)) [العنكبوت:2] هنا أجمع القراء على النَّصب، مع كون (أنْ) هنا مسبوقة بـ: (حَسِبَ) و (حَسِبَ) هذه من أفعال الرُّجْحَان، إذاً: الأصل فيه الجواز .. أنَّه في غير القرآن يَجوز: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُون) .. (أَنْ يُتْرَكُوا) لكن في القرآن اتَّفَق القراء على النَّصب، فدل على أنَّه أرجح.

واختلفوا في قوله: ((وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ)) [المائدة:71] (أَلاَّ تَكُونَ .. أَلاَّ تَكُونُ) قراءتان بالرَّفْع والنَّصْب، لَمَّا اتفقوا في موضعٍ واختلفوا في موضعٍ، فما اتفقوا عليه دل على أنَّه الأرجح، وهو الأكثر في لسان العرب، وهو الموافق للقياس.

إذاً: (وَالَّتِي مِنْ بَعْدِ ظَنّْ فَانْصِبْ بِهَا) المضارع إن شِئت، على أنَّها النَّاصبة له وصَحِّح الرَّفع،، يعني الرَّفع صحيح، ولذلك قرئ به: ((وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ)) [المائدة:71].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015