وإمَّا خبراً نحو: {صَلاَةِ اللَّيلِ مَثنَى مَثنَى} وإنما كُرِّرَ لقصد التأكيد، لا لإفادة التَكرَار، اثنان اثنان .. اثنتين اثنتين، معلومٌ من الأولى، وأما الثانية قُصِدَ بها التوكيد، ولا تدخلهما (أل) وإضافتهما قليلة، يعني: ما كان على وزن (مَثنَى وثُنَاء .. مَفْعَل وفُعَال) لا تدخل عليهما (أل) وقيل: لا تضاف، وقيل: إضافتها قليلة، وحينئذٍ تبقى على الأصل، فهي نكرة ولا تقبل التعريف البتَّة.
إذاً:
وَمَنْعُ عَدْلٍ مَعَ وَصْفٍ مُعتَبَرْ ... فِي لَفْظِ مَثْنَى وَثُلاَثَ .. . . .
ثُمَّ بَيَّن أن:
وَوَزْنُ مَثْنَى وَثُلاَثَ كَهُمَا ... مِنْ وَاحِدٍ لأَرْبَعٍ ..........
مثلهما .. كَهُمَا، هنا الناظم اضطَرَّ إلى إدخال الكاف على الضمير، وهذا كما سبق: أنه لا يدخل عليه.
(وَوَزْنُ مَثْنَى وَثُلاَثَ كَهُمَا) (وَزْنُ) هذا مبتدأ، وهو مضاف، و (مَثْنَى) مضاف إليه، (وَثُلاَثَ) بالفتح، يعني: مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة، لأنه معطوف على (مَثْنَى) المضاف إليه، وهو ممنوع من الصرف للعَدل والوصفية.
(كَهُمَا) هذا خبر المبتدأ - مثلهما يعني - أي: مثلهما، وأدخَلَ كاف التشبيه على المضمر لضرورة الوزن، (مِنْ وَاحِدٍ لأَرْبَعٍ) حالٌ من الضمير المستتر في الخبر، (كَهُمَا) مثلهما .. كائنٌ مثلهما، (مِنْ وَاحِدٍ لأَرْبَعٍ) هذا حال من الضمير المستتر في الخبر، (فَليُعْلَمَا) فَليُعلماً، الفاء هذه زائدة، أو حرف عطف، جملة معترضة جاءت متأخرة، واللام هذه لام الأمر، و (يُعلَمَن) هذا فعل مضارع مؤكد بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة وقفاً ألفاً.
إذاً يعني: ما وازن مثنى وثلاث من ألفاظ العدد المعدول من واحد إلى أربعٍ فهو مثلهما في امتناع الصرف للعدل، يعني قوله: في لفظ مثنى وثلاث لا تظن أن الحكم خاصٌ بهذين اللفظين فحسب، بل يَتَعدَّى إلى غيره، لأنه نَصَّ على: (فِي لَفْظِ مَثْنَى وَثُلاَثَ) لو سكت قد يقول قائل: إنما أراد الحصر: (مَثْنَى وَثُلاَثَ) ما عداهما فهو مصروف، قال: لا، (وَوَزْنُ مَثْنَى وَثُلاَثَ - مِثلُهما - مِنْ وَاحِدٍ لأَرْبَعٍ) يعني: زاد على ما سبق: مثلث وثلاث، ومربع ورباع فقط، زاد لفظتين فصارت حينئذٍ أربعة.
فهو مثلهما في امتِناع الصرف للعَدل والوصف، تقول: مررت بِقوم مَوْحَداً وأُحَاد، يعني: بالجر بالفتحة نيابة عن الكسرة، و (مَثنَى وثُنَاء) و (مَثلَث وثُلَاث) و (مَربَع ورُبَاع) وهذه الألفاظ الثمانية متفقٌ عليها، ولهذا اقتصر عليها الناظم، هي ثمانية من حيث التفصيل، وأربع من حيث الجملة.
قال في (شرح الكافية): "وروي عن بعض العرب: (مَخمَس) و (عُشَار) " (مَخمَس) إذاً: مسموع، و (عُشَار) مسموع، و (مَعشَر) كذلك مسموع، ثُمَّ قال: " ولم يرد غير ذلك " يعني: زيادة عن الأربع .. الأقسام السابقة الثمانية عند التفصيل، يُزَاد عليها (مَخمَس وعُشَار ومَعشَر) " ولم يرد غير ذلك " هكذا نفاه في (شرح الكافية).
وفي (التسهيل) قال: "إنه سُمِع (خُمَاس) أيضاً " مع كونه نفى في (شرح الكافية) لأنه أثبت: (مَخمَس) ولم يثبت: (خُمَاس).