إذاً: وقَعَ العَدل في هذين النوعين: اسم العدد ولفظ (أُخَر) المقابل لـ: (آخرين).
أمَّا المعدُول في العدد فالمناع له عند سيبويه والجمهور: العَدل والوصف، فـ: (أُحَاد) و (مَوحَد) مَعدُولان عن: (واحد واحد) و (ثُنَاء) و (مَثنَى) معدولان عن: (اثنين اثنين) وكذلك: (ثُلَاث ومَثلَث) و (رُبَاع ومَربَع) إلى هنا باتفاق .. من واحد إلى أربعة باتفاق، ولذلك قال هنا: (مِنْ وَاحَدٍ لأَرْبَعٍ) خَصَّ الناظم هذا العدد إلى هنا لا لكونه لا يَصِح في غيره، وإنما ثَمَّ اتفاق وثَمَّ خلاف، يعني: الأعداد التي يأتي على وزن (مَفعَل) و (فُعَال) من واحد لأربع متفق عليه.
وأمَّا: مَخْمَس وخُمَاس، ومَسْدَس وسُدَاس، ومَسْبَع وسُبَاع، ومَثْمَن وثُمَان، ومَتْسَع وتُسَاع، ومَعْشَر وعُشَار، هذا محل نزاع عند النحاة هل سمع أم لا؟ والصحيح: أنه سُمِع من واحدٍ إلى عشرٍ، كلها تأتي على هذا الوزن: (مَفْعَل وفُعَال) ولذلك نَصَّ هنا قال:
وَوَزْنُ مَثْنَى وَثُلاَثَ كَهُمَا ... مِنْ وَاحِدٍ لأَرْبَعٍ فَلْتَعْلَمَا
وأمَّا الوصف فلأن هذه الألفاظ لم تُستَعمل إلا نكرات، عرفنا العَدل وأنه يأتي من واحد إلى عشر، وإنما نَصَّ الناظم إلى الأربع لكونه متفقاً عليه، وما عداه فهو ثابت كما سيأتي.
وأمَّا الوصف فلأن هذه الألفاظ لم تستعمل إلا نكرات، ولذلك لا تكون معارف، (مَثنَى) وإلى آخره لا تكون معارف البتَّة، وكذلك: (أُخَر) إمَّا نعتاً نحو: ((أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ)) [فاطر:1] (أُولِي أَجْنِحَةٍ) أصحاب أو صاحبات أجنحة، (مَثنَى) اثنين اثنين، (وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ) ثلاثة ثلاثة، وأربعة أربعة، من الملائكة منها ما هو ذو جناحين: مثنى مثنى، ومنها ما هو: ثلاثة ثلاثة، ومنها ما هو: أربعة أربعة، دَلَّ على ذلك هذا العَدل، لأننا قلنا: (مَثنَى) معناه: اثنان اثنان، وكذلك (مَثْلَث) و (مَربَع).
إذاً: جاءت نعتاً ((أُولِي أَجْنِحَةٍ)) [فاطر:1] مَعرفة أو نكرة؟ نكرة، إذاً: وقع هنا (مَثْنَى) وما عطف عليه صفة لنكرة فهو نكرة. أو حالاً، نحو: ((فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ)) [النساء:3] حال كونهما نكاح اثنتين اثنتين، أو ثلاثة ثلاثة، أو أربعة أربعة، هل هذا المراد؟ نعم، هذا المراد، لكن ليست الواو هنا للجمع خلافاً لابن حزم وغيره.
((مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ)) [النساء:3] أربع وثلاث: سعبة، واثنان: تسعة، إذاً: يَجوز تسعة، إذا قلنا الواو هنا للجمع فقد قيل به.
وإمَّا حالاً نحو: ((فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثنَى)) [النساء:3] حال كون المنكوح مَثنَى، وإمَّا خبراً نحو: {صَلاَةِ اللَّيلِ مَثنَى مَثنَى} (صَلاَةِ اللَّيلِ مَثنَى) هذا خبر، والثاني توكيد له.