واختُلِف فيما لم يُسمَع على ثلاثة مذاهب، يعني: إذا لم يسمع قيل: مَسْدَس وسُدَاس، ومَسْبَع وسُبَاع، ومَثمَن وثُمَان، حينئذٍ إذا لم يُسمع هل يُقَاس عليه أم لا؟ نقول: فيه ثلاثة مذاهب.
واختُلِف فيما لم يُسمَع على ثلاثة مذاهب، الأول: أنه يُقَاس على ما سُمِع، وهو مذهب الكوفيين، لوضوح طريق القياس فيه، يعني: العِلة موجودة، وهو كونه عدد، وسُمِع من واحد إلى أربع، بل وسُمِع (مَعشَر وعُشَار) حينئذٍ لا مانع أن يُقال ما بينهما مَثل الأول والمنتهى، وهو مَعشَر وعشار، وهو مذهب الكوفيين: أنه يُقَاس على ما سُمِع.
المذهب الثاني: أنه لا يُقَاس بل يُقتَصر على المسموع، وهو مذهب جمهور البصريين، لأنك لو قِست أحدَثتَ لفظاً لم يَتكلَّم به الواضع، ففيه إحداث لفظٍ لم تَتَكلَّم به العرب.
الثالث: أنه يُقَاس على (فُعَال) لِكَثرته لا على (مَفعَل) لِقلَته، (فُعَال) أكثر – هي عشرة ألفاظ – (فُعَال) أكثر و (مَفعَل) قليل، إذاً: يُقاس على (فُعَال) لا على (مَفعَل) وهذا تَحكُّم لأن الباب واحد، حينئذٍ الفصل بينهما وخاصةً أنه مَسمُوع بالفظين (مَفعَل وفُعَال) من واحد لأربع، فالأصل حينئذٍ أن يكونا متساويين، فإمَّا أن نُرَجِّح المذهب الأول أو الثاني.
والصحيح أنه مسموع في الكل، قال أبو حيان: "والصحيح أن البنائين – مَفعَل وفُعَال - مسموعان من واحد إلى عشرة" وكل منهم أثبت، هذا سَمِع مَخمَس، وهذا خُمَاس، وهذا مَعشَر، يثبت ما سَمعه وينفي الآخر بناءً على علمه، ومن حَفِظ حجة على من لم يَحفظ، فأثبت ابن مالك بعضاً، وأثبت غيرُه بعضاً آخر.
وحكا البنائين أبو عمرو الشيباني، يعني: (مَفعَل وفُعَال) من واحد إلى عشرة، وحكا أبو حاتم وابن السِكيِت: من أُحَاد إلى عُشَار، ومن حفظ حجة على من لم يَحفظ، إذاً: الصواب أنه لا يُقتَصر على الأربعة وإن كان متفقاً عليها.
وَوَزْنُ مَثْنَى وَثُلاَثَ كَهُمَا ... مِنْ وَاحِدٍ لأَرْبَعٍ فَلْتَعْلَمَا
(فِي لَفْظِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَأُخَرْ) (أُخَرْ) قيل: جمع (أخرى) مُؤنَّث آخر، أُخرى .. أنثى آخر: مررت بزيدٍ وبرجل آخر، مررت بهندٍ وبامرأة أخرى، إذاً: (آخر) مؤنثه (أخرى) لمعنى مُغَايِر، و (أُخَرْ) ممنوع من الصرف ((فَعِدَّةٌ مِن أَيَّامٍ أُخَرَ)) [البقرة:185] ممنوع من الصرف، فالمانع له أيضاً العَدل والوصف، ولذلك جَمع بينهما في بيت واحدٍ .. العدل والوصف.
أمَّا الوصف هذا شأنه ظاهر، لأنه على زنة اسم التفضيل، واسم التفضيل معلومٌ أنه من المشتقات. أمّا الوصف فظاهر؛ لأنه اسم تفضيل بمعنى مُغَايِر.