حينئذٍ نقول: هذه العلل التِّسعة إذا وجِد منها اثنتان إحداهما ترجع إلى اللفظ والأخرى ترجع إلى المعنى، ثبت كون الاسم ممنوعاً من الصَّرف، وحُصِرت العِلَّة المعنويَّة في اثنين لا ثالث لهما وهما (العلميَّة والوصفية) وما يقوم مَقام علَّتين منها اثنان فقط، وهما: ألف التَّأنيث مُطلقاً والجمع المتناهي، ألف التَّأنيث مُطلقاً سواءٌ كانت مقصورة أو ممدودة .. اسماً .. عَلَماً .. أم نكرة .. معرفة إلى آخره كما سيأتي، أو الجمع المتناهي كـ: مَسَاجِد ومَصَابِيح، وهو ما كان على وزن (مَفَاعِل) أو (مَفَاعِيل).

إذاً: الاسم إذا وجد فيه عِلَّتان تدلُّ على أنَّه فرعٌ، وكانت إحدى العلَّتين راجعةً إلى اللفظ والأخرى راجعةً إلى معناه، فحينئذٍ نَحكم عليه بكونه قد أشبه الفعل، إذاً: هذه كلُّها عِلَل سيذكرها الناظم عِلَّةً عِلَّة، وبعد أن ننتهي منها نأخذ حكمها من حيث التنكير والتعريف.

قال:

فَأَلِفُ التَّأْنِيْثِ مُطْلَقَاً مَنَعْ ... صَرْفَ الَّذِيْ حَوَاهُ كَيْفَمَا وَقَعْ

هذا ما يقوم فيه عِلّةٌ مَقام علَّتين، وليس المراد عِلَّتان مَقام علَّتين بالفعل، وإنَّما يُنْظَر إلى هذه العِلَّة من جهتين: إحدى الجهتين ترجع إلى اللفظ، والأخرى ترجع إلى المعنى، فحينئذٍ بالنَّظريين بالاعتباريين جعلوا هذه العِلَّة قائمة مقام علَّتين.

ثُمَّ اعلم أنَّ تسميتهم (عِلَّة) هذا من قبيل المجاز فحسب، يعني إذا قيل: علَّتان، يعني: سببان قامَا بالاسم، هذان السَّببان هو علَّةٌ واحدة، فإذا قيل مُنِع للعمليَّة ووزن الفعل، العلميَّة جزء عِلَّة، ووزن الفعل جزء عِلَّة، وإنَّما أطلِق على كل واحدٍ من هذين اللفظين أنَّه علَّة من باب التَّوسع والمجاز.

(فَألِفُ) الفاء هذه فاء الفصيحة (ألِفُ التَّأنيث مُطْلَقاً مَنعْ)، (التَّأنيث) سيأتي أنَّ له علامة:

عَلاَمَةُ التَّأْنِيثِ تَاءٌ أَوْ أَلِفْ ... وَفِي أَسَامٍ قَدَّرُوا التَّا كَالْكَتِفْ

(فَألِفُ التَّأنيث) مِمَّا يُعرَف به أو يُحْكَم به على كون اللفظ مؤنَّثاً، حينئذٍ: إذا وجد الاسم مَختوماً بـ (ألِفُ التَّأنيث مُطْلَقاً) كما قال النَّاظم (مُطْلَقاً) يعني: مقصورةً كانت أو ممدودة، حينئذٍ حَكَمنَا على الاسم بكونه ممنوعاً من الصَّرف، فيُسْلَب منه التَّنوين والخفض بالكسرة (مُطْلَقاً مَنَعْ) يعني: دون تفصيل، فكل اسم مختوم بألف التَّأنيث كـ: حُبْلى، وَسَلْمَى المقصورة، أو الممدودة كـ: خَضْرَاء، وَحَمْرَاء، وَصَفْرَاء، وَصَحْراء ونحو ذلك، حَكَمنَا عليه بكونه ممنوعاً من الصَّرف، لقيام هذه الألف في الموضعين مَقَام العلَّتين، إحداهما ترجع إلى اللفظ والأخرى ترجع إلى المعنى.

(فَألِفُ التَّأْنِيْثِ مُطْلَقاً) (مُطْلَقاً) هذا حالٌ من الضمير في (مَنَعْ) العائد على المبتدأ (أَلِفُ) هذا مبتدأ وهو مضاف و (التَّأْنِيْثِ) مضاف إليه، (مَنَعَ) فعل ماضي والفاعل ضمير مستتر يعود على (أَلِفُ التَّأْنِيْثِ) وذكَّره باعتبار كونه ألفاً ولم يَقل (مَنَعَتْ) وإنَّما قال (مَنَعَ) دليل على أنَّه راعى فيه الحرف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015