واحْتَرز بقوله: لغير مُقابَلة: من تنوين: أذْرِعَات ونحوه، فإنَّه تنوين جمع المؤنَّث السالم، وهو يصطحب غير المنصرف، قلنا: أذْرِعَاتْ، هذا ممنوع من الصَّرف ودخله التَّنوين، نقول: اجْتمَع معه التَّنوين لكونه ليس تنوين الصَّرف، والذي يُمْنَع منه الممنوع من الصَّرف هو تنوين الصَّرف، وهذا ليس بتنوين صرف، مِثْلُه مِثْل العِوَض: جَوَارٍ وغَوَاشٍ ولَيَالٍِ، نقول: هذه ممنوعة من الصَّرف وهي مُنَوَّنة، لكن ليس المراد هنا التَّنوين هو تنوين الصَّرف وإنَّما تنوين العِوَض، إذاً: تنوين العِوَض والمقابلة قد يُجامع الممنوع من الصَّرف، بمعنى أنَّه يدخل عليه.

حينئذٍ: إذا وجد أذْرِعَاتٍ، ومُسْلِمَاتٍ، لا نقول: بأنَّه غير ممنوع من الصَّرف لوجود التَّنوين، نقول: لا، هذا التَّنوين ليس هو تنوين الصَّرف الذي يُحْكَم على الممنوع من الصَّرف بكونه ممنوعاً من الصَّرف بسببه، ليس هو هذا التَّنوين، لأنَّه لا يَدلُّ على تَمَكُّن الاسم في باب الإعراب، وإنَّما هو في مُقابلة نون جمع المذكَّر السالم، كذلك العِوَض: عِوَض عن كلمة .. عِوَض عن حرفٍ .. عِوَض عن جملة، هذا التَّنوين قد يدخل الممنوع من الصَّرف ويدخل المصروف.

إذاً: (بغير مُقَابَلة) احترز به من تنوين: أذْرِعاَت، (أو تعويض) احترز به من تنوين: جَوَارٍ وغَواشٍ ونحوهما، فإنه عِوَضٌ من الياء والتقدير: جَوَارِيٌ وغَوَاشِيٌ كما سيأتي، وهو يَصْطَحب غير المنصرف، يعني: تنوين التعويض عن حرفٍ وعن كلمة أو عن جملة، يصْطَحب غير المُنصَرِف كهذين المثالين.

وأمَّا المنصَرِف فلا يدخل عليه هذا التَّنوين، يعني: تنوين العِوَض، إن كان يعني به ما كان عِوَضاً عن حرفٍ قد يُسلَّم له، وأمَّا إن كان المراد به جنس تنوين العوض فلا يُسَلَّم له، لأنَّه سبق معنا: أنَّ (كُل وبعض) التَّنوين فيها عن عِوَض و (كُل وبَعض) لا شَكَّ أنَّهما مصروفان.

إذاً قوله: (وأمَّا المنْصَرِف فلا يدخل عليه هذا التَّنوين) هذا فيه تفصيل، وإن كان بعضهم ذهب إلى أنَّ التَّنوين في (قاضٍ) ونحوه، تنوين عِوَض وليس بتنوين صرف، والصواب: أنَّه تنوين صرفٍ.

ويُجَرُّ بالفتحة إن لم يُضَفْ، أو لم تدخل عليه (أَلْ) يعني: الممنوع من الصَّرف هو الذي يُجَرُّ بالفتحة نيابةً عن الكسرة، وهذا مُقيَّدٌ إذا لم تدخل عليه (أَلْ) أو (يُضَفْ) والصَّواب في التَّعليل هنا: بكونه لم تدخل عليه (أَلْ) أو (يُضَفْ) نقول: لأنَّ الاسم هنا إنَّما سُلِب الخفض بالكسرة وأعْطِي الفتحة لأنَّه أشبه الفعل، فإذا أشبه الفعل حينئذٍ صار له بعدٌ عن الاسم، وإذا كان كذلك فإذا اتَّصل به ما هو من خصائص الأسماء ولا يدخل على الأفعال حينئذٍ ضَعُفَ الشَّبه، فإذا أضِيف حينئذٍ نقول: وجِد فيه شبهٌ بالفعل لكنَّه ليس قوياً، كما هو الشأن في ما إذا وجِد في الاسم شبهٌ بالحرف، قلنا: قد يكون في الاسم شَبهاً بالحرف لكنَّه ليس قوياً، وحينئذٍ لا يَستَلزِم بناءه، وأمَّا إذا كان قوياً فحينئذٍ نقول: هذا يستلزم البناء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015