- ومنها: أنَّه متى اضْطُر شاعرٌ إلى صَرْف المرفوع أو المنصوب نَوَّنَه، وقيل: صَرَف الممنوع من الصَّرف، مع أنَّه لا جَرَّ فيه، وقيل: الصَّرف هو الجَرُّ والتَّنوين معاً، إذاً: قولان للنُّحاة، وإن كان المشهور أنَّه قد يُطلَق تنوين الصَّرف على غير ما ذُكِر، لكن إذا جيء إلى تمحيص المصطلحات فيَختَص هذا النَّوع بما ذكره الناظم هنا.
قيل: تَخْصِيص تنوين التَّمْكِين بالصَّرف هو المشهور، وقد يُطلق الصَّرْف على غيره من تنوين التَّنْكِير والعِوَض والمقابلة، ويُستثنى نَحو: مُسْلِمَاتٍ، فإنه مُنصرِف مع أنَّه فاقدٌ للتَّنوين المذكور، وهذا قد سبق بيانه، إذاً الصَّرف: هو التَّنوين الدالُّ على مَعْنَىً يَكُونُ الاِسْمُ بِهِ أَمْكَن، وذلك المعنى: هو عدم مشابهته للحرف وللفعل كـ: زَيْدٍ، وفَرَسٍ.
وغير المنصرف، ما هو غير المنصرف؟ هو الفاقد لهذا التَّنوين ما عدى (مُسْلِمَاتٍ) ونحوها، مِمَّا كان التَّنوين فيه تنوين مقابلة وليس تنوين صرفٍ.
قال الشارح هنا: الاسم إن أشبه الحرف سُمِّى مبنيَّاً وغير مُتمكِّنْ، وإن لم يُشبه الحرف سُمِّى مُعرَباً أو مُتمَكِّناً وعليه الاسم قسمان:
مُتمَكِّن وغير متمكِّن (غير المتمكِّن) الذي خرج بالكليَّة عن باب الإعراب، لأنَّ القسمة ثُنائية ولا ثالث لها: إمَّا مبني، وإمَّا معرب، فإذا لم يكن مُعرَباً بالكليَّة حينئذٍ صار مبنيَّاً، ولذلك يُعَبَّر عنه: بأنَّه غير متمكِّن، يعني: لا حَظَّ له ولا نصيب من الإعراب، والمُعرَب هو المُتمكِّن مُتمكِّنٌ في الجملة، ثُمَّ هذا المتَمَكِّنْ على قسمين:
- أحدهما: ما أشْبَه الفعل ويُسمَّى: غير مُنصرِف، ومُتَمَكِّناً غير أمْكًن، سبق أن المراد بـ: (أمْكَن) أنَّه مأخوذ من (مَكُنَ) لا من (تَمَكَّنَ) خلافاً لأبي حيَّان، إذاً: هذا يُسمَّى ماذا؟ أشْبَه الفعل، ثُمَّ هو مُتمكِّن، لكنَّه غير أمْكَنْ، بمعنى أنَّه مُعْرب، والإعراب إنَّما يكون بالرفع والنصب والخفض، والرفع يكون بالضمَّة، والنصب يكون بالفتحة، والخفض يكون بالكسرة.
وهذا النَّوع أعْطِي الضمَّة في الرفع، والفتحة في النصب، لكنَّه سُلِب الكسرة مع أنَّه يستحقها، لأنَّه اسمٌ، حينئذٍ صار مُتَمَكِّناً في باب الإعراب، لأنَّه مُعرَب غير أمْكَنْ لفقده النَّوع الثالث وهو الكسرة، هو مجرور لَكنَّه بغير كسرة.
- والثاني: ما لم يُشْبِه الفعل، ويُسمَّى: مُنصَرِفاً ومُتَمَكِّناً أمْكَنْ، وعلامة المُنصَرِف:
- أن يُجَرَّ بالكسرة مع الألف واللام: مَرَرْتُ بالغُلامِ، وبالإضافة: مَرَرْتُ بِغُلامِ زَيْدٍ، وبدون (أل) و (الإضافة): مَرَرْتُ بغُلامٍ.
- وأن يدخله الصَّرْف: وهو التَّنْويِن الذي لغير مقابلة أو تعويض، لأنَّ المُقابلة إنَّما يكون في جَمع المؤنَّث السالم، وهو مُنصَرِف كذلك، أو تعويض وهذا يكون في المصروف وغير المصروف كذلك، كما سيأتي في: جَوَارٍ وغَوَاشٍ، الدَّالُ على معنىً يستحق به الاسم أن يُسمَّى: أمْكَن، وذلك المعنى هو عدم شبهه الفعل نحو: مَرَرْتُ بِغُلامٍ، إلى آخره.