أَتَى مُبَيِّنَاً ... مَعْنَىً بِهِ يَكُونُ ?لاِسْمُ أَمْكَنَا

(أَمْكَنَا) في باب الإعراب، ما وجه تَمكُّنه في باب الإعراب؟ نقول: الاسم على ثلاثة أنواع:

اسمٌ مبني لكونه أشبه الحرف، واسمٌ مُعرَب لكنَّه نقص بَعضَ إعرابه، وهو المتمكِّن غير الأمكن، وقسمٌ ثالث: مُعرَب كذلك، لَكنَّه مُتمكِّن في باب الإعراب، وهو: المتمكِّن الأمْكَن، فحينئذٍ نقول: أُعْطِي هذا النَّوع الثالث هذا التَّنوين ليدل على هذا المعنى، فمنذ أن تقرأ: زَيْدٌ .. عَمْراً .. خَالِدَاً، إلى آخره تقول: هذا التَّنوين تنوين صرف، يعني: أنَّ: زَيْدْ وخَالِدْ لم يشبه الحرف فيبنى، ولا الفعل فيمنع من الصَّرف.

هذا مُرادُه بقوله: (أَتَى) أي: هذا التَّنوين (مُبَيِّناً) حال كونه مُوضِّحاً وكاشفاً (مَعْنَىً) ما هو هذا المعنى؟ المعنى: هو عَدَم مشابهته للحرف والفعل.

(يَكُونُ الاِسْمُ بِهِ أَمْكَنَا) أي: بهذا التَّنوين، فدَلَّ على أنَّه أمْكَن ومُتمكِّن ومصروفٌ، ما هي أسمائه؟ تنوين الصَّرف .. تنوين الأمْكَنيَّة .. تنوين التَّمكُّن والتَّمكين، فهو إذا وجد فيه هذا النَّوع حينئذٍ حَكَمْنا عليه بكونه مُتمكِّناً في باب الإعراب.

(الصَّرْفُ تَنْوِينٌ أَتَى مُبَيِّناً) (تَنْوِينٌ) هذا جنس شمل الأنواع الداخلة على الاسم: تَنْوينْ المقابلة، وتَنْوينْ العِوض، وتَنْوينْ الصَّرْف، وتَنْوِينْ التَّنكير.

(أتَى مُبَيِّناً) هذا فَصْلٌ أخَرَج به ما سوى المعبَّر عنه بالصرف، يعني: ما لا يُعَبَّر عنه بالصرف وهو المقابلة والتَّنكير، والعوض خرج بقوله (أَتَى) أي: ذلك التَّنوين (مُبَيِّناً) هذا حالٌ من فاعل (أَتَى) (مَعْنَىً) هذا مفعولٌ به لـ (مُبَيِّناً) (بِهِ يَكُونُ الاِسْمُ أَمْكَنَا) يَكُونُ بِهِ، أي: بهذا التَّنوين .. بدخوله (الاِسْمُ يَكُونُ أَمْكَنَا) الألف للإطلاق و (أَمْكَنَا) هذا اسم تفضيل مِنْ: مَكُنَ مَكَانَةً إذا بَلَغَ الغاية في التَّمَكُّنِ، لا مِن: تَمَكَّن، لأنَّه أفعل تفضيل، وأفعل التفضيل اشتقاقه من غير الثلاثي المجرَّد شاذ.

حينئذٍ (أمْكَن) وهو الذي جرى عليه النُّحاة لا نقول أنه من (تَمَكَّن) وإنَّما نقول هو من (مَكُنَ) مكانةً إذا بَلَغ الغاية في التَّمَكُّنْ، لا مِن (تَمَكَّنَ) خِلافاً لأبي حيَّان ومن وافقه، لأنَّ بناء اسم التفضيل من غير الثلاثي المجرَّد شاذ و (تَمكَّن) هذا شاذ .. هذا ليس ثلاثياً مُجرَّداً.

إذاً: الناظم هنا نصَّ على أنَّ الصَّرف هو التَّنوين وحده، حينئذٍ مذهب ابن مالك هنا في هذا المتن: أنَّ الممنوع من الصَّرْف: هو ما مُنِع التَّنوين فحسب، ما ذكره الناظم: من أنَّ الصَّرف هو التَّنوين، قيل: هو مذهب المحقِّقين، يعني: المتأخِّرين، لوجوه منها:

- أنَّه مطابق للاشتقاق من الصَّرِيف الذي بمعنى (الصوت) إذ لا صوت في آخر الاسم إلا التَّنوين، إذاًَ: هذا بناءً على الخلاف: هل هو مُشتقٌ من الصَّرِيف، أو من الصَّرْف؟ من قال من الصَّرِيف حينئذٍ اختَصَّه بالتَّنوين، من قال من الصَّرف وهو الأفضل بمعنى الفضل، حينئذٍ لا يلتزم ما ذكره الناظم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015