إذاً: كل فعلٍ فيه عِلَّتان فرعيَّتان: إحداهما ترجع إلى اللفظ، والأخرى: ترجع إلى المعنى، أمَّا ما كونه يرجع إلى اللفظ فعلى الصحيح أنَّه فرعٌ عن المصدر، لأنَّه مشتقٌ منه، ولا شَكَّ أنَّ المشتق فرعٌ عن المشتق منه، وأمَّا من حيث المعنى فكل حَدَثٍ لا بُدَّ له من مُحدثٍ وهو الفاعل، إذاً: كل فعل يفتقر إلى اسمٍ، إذ لا يصح أن يقال هذا فعلٌ لا فاعل له.

إذاً: وجد في الفعل عِلَّتان: إحداهما ترجع إلى اللفظ والأخرى ترجع إلى المعنى، إذا وجد في الاسم عِلَّتان فرعيَّتان، إحداهما: ترجع إلى اللفظ، والأخرى: ترجع إلى المعنى، إذاً: جنس بِجنس، يعني: مُطلق عِلَّة مع خصوص علَّة، يعني: لا يُنظَر إلى كون العِلَّة الفرعية الموجودة في الاسم أنَّه مُشتقٌ منه وأنَّه فرعٌ عن المصدر كما هو الشأن في الفعل، لأنَّ الاسم لا يشتق هذا الأصل فيه، وكذلك لا يلزم أن يكون له فاعل.

فإذا وجِدَ في الاسم عِلَّتان فرعيَّتان: إحداهما ترجع إلى اللفظ، والأخرى: ترجع إلى المعنى، حكمنا على الاسم بكونه قد أشبه الفعل، ما وجه الشَّبه؟ نقول: وجد فيه علَّتان فرعيَّتان: إحداهما ترجع إلى اللفظ والأخرى ترجع إلى المعنى، هل يُشْتَرط أن تكون نفس العِلَّة هي الموجودة في الفعل أو مُطلق عِلَّة؟ مُطلق العلَّة، لأنَّ العلل المذكورة في الاسم:

اجْمَعْ وَزِنْ عَادِلاً أنِّثْ بِمعْرِفَةٍ ... رَكِّبْ وَزِدْ عُجْمَةً فالْوَصْفُ قَدْ كَمُلاَ

ليس فيها كونه مشتقاً من المصدر، وليس فيها كونه مشتقاً إلى الفاعل، إذاً: لم توجد فيه خصوص العِلَّتين الموجودتين في الفعل، وإنَّما المراد الشَّبه في مطلق العلَّة فحسب، حينئذٍ نقول: وجِدَ في الاسم علَّتان فرعيتان، وسيأتي شرح هذا في كلام الشيخ هنا.

فحينئذٍ نقول: إذا أشبه الاسم الفعل أخذ حكمه، إذا وجِد في الاسم علَّتان نقول: أشبه الاسم الفعل في وجود عِلَّتين فرعيتين، فيأخذ حكمه، وما هو حكم الفعل؟ سلب التَّنوين والخفض بالكسرة، حينئذٍ يُمنع الاسم من التَّنوين ومن الخفض بالكسرة: مَرَرْتُ بأحْمَدَ، نقول: (أحْمَدَ) هذا ممنوع من الصَّرف، لماذا مُنِع من الصَّرف؟ لأنَّه أشبه الفعل في وجود عِلَّتين فرعيتين: إحداهما ترجع إلى اللفظ والأخرى ترجع إلى المعنى، أخذ حُكْم الفعل في كونه لا يُنَوَّن فيقال: (بِأحْمَدَ) ولا يصح أن يُقال: (بِأحْمَدٍ) وكذلك مُنِع الخفض بالكسرة فيقال: (بِأحْمَدَ) ولا يُقال: (بِأحْمَدِ) لأنَّ التَّنوين لا يدخل الفعل، وكذلك الخفض لا يدخل الفعل، هذا النَّوع الثاني وهو: ما أشبه الفعل فأخذ حكمه.

النَّوع الثالث: وهو الذي ليس من الأوَّل ولا من الثاني، يعني: اسمٌ خالصٌ من شبه الحرف ومن شبه الفعل، خالص .. أعلى الدَّرجات، لأنَّه ليس فيه شائبة الحرف، وليس فيه شائبة الفعل، فحينئذٍ نُوِّن: بتنوين الصَّرف، والتَّمكين، والأمكنيَّة، والتَّمَكُّن، والمعنى واحد ليست أربعة أنواع .. أربعة أسماء والمسمَّى واحد، لماذا نُوِّن بهذا؟ قالوا: هذا التَّنوين وضِع ليدلَّ على هذا المعنى، وهو: أنَّه لم يُشبه الحرف فيبنى، ولا الفعل فيُمْنَع من الصَّرف، وهو الذي عناه بقوله: (أتَى) هذا التَّنوين الصَّرف:

. . . . .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015