((وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى)) [الضحى:5] ((وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ)) [آل عمران:158] (مُتُّمْ) نقول هذا لا يجوز توكيده (أَوْ قُتِلْتُمْ) .. لماذا؟ لوجود الفاصل هكذا مثَّلوا و (مُتُّمْ) هذا فعل ماذا؟ ((وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ)) [آل عمران:158] هل المراد (تُحْشَرُونَ) أو الأول (مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ)؟ النحاة يذكرون هذه الآية.
إن كان المراد (مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ) هذا لا يؤكَّد، لأنَّه فعل ماضي، وإن كان (تُحْشَرُونَ) لا يؤكَّد فقد يستقيم الاستدلال لكنَّه بعيد أيضاً، فالأحسن أن يُمثَّل بـ ((وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى)) [الضحى:5] هذا أولى من الآية التي ذكرها ابن هشام وغيره.
(وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ) إذاً (يُعْطِيكَ) هذا لم يؤكَّد لوجود الفاصل بين اللام والفعل وهو (سَوْفَ).
إذاً: (مُثْبَتاً فِي قَسَمٍ) يعني في جواب قسمٍ، (مُسْتَقْبَلاَ) هذه الحالة الثالثة: بعد طَلَبٍ، أَو شَرْطٍ، تَالِيَا (إمَّا)، أَو مُثْبَتاً فِي جواب قَسَمٍ (مُسْتَقْبَلاَ).
التوكيد الواقع في جواب القسم واجب، لأنَّهم كرهوا أن يُؤَكَّد الفعل بأمرٍ منفصلٍ وهو القسم من غير أن يُؤَكِّدوه بما يتصل به وهو (النون) بعد صلاحيَّته له، يعني: قالوا عندنا قسم هو مؤَكِّد للفعل، وعندنا من الأشياء التي يؤَكَّد بها الفعل (النون) إذاً: إذا أُكِّد الفعل بـ (القسم) حينئذٍ أكِّد بشيءٍ منفصل عن الفعل ليس متَّصلاً به، وعندنا (النون) وهي مما يتصل بالفعل وهي صالحةٌ لتأكيد الفعل.
إذاً: يجب أن يؤكَّد الفعل لئلَّا ينفرد المنفصل بتأكيده هكذا علَّلوه، وهذا مذهب البصريين لكن بالشروط السابقة: أنَّه يجب تأكيد الفعل إذا كان: مُثْبَتاً، واقعاً في جواب قسمٍ، مُسْتَقْبَلاً، غير مفصول من لامه بفاصلٍ. بهذه الشروط الأربعة التوكيد واجب، وهذا مذهب البصريين.
فلا بدَّ عندهم من (اللام والنون) فإن خلا منهما قُدِّرَ قبل حرف النفي، فإذا قلت: (والله يَقُومُ زَيْدٌ) هذا وُجِدت فيه الشروط (والله يَقُومُ زَيْدٌ) (والله) هذا قسم (يَقُومُ) جواب القسم، ليس عندنا (نون) ولا (لام) قالوا: يجب التقدير هنا .. نُقَدِّرْ النفي (والله يَقُومُ زَيْدٌ) قالوا (والله لا يَقُومُ زَيْدٌ) هذه الجملة منفية؛ لأنَّه لو كان كذلك لوجب دخول اللام وأُكِّد الفعل، فخلوُّ الفعل عن اللام والنون هذا لا يجوز، لا بد من دخول اللام والنون على الفعل المثبت الواقع في جواب القسم، فإذا جاء مثل هذا الظاهر (والله يَقُومُ زَيْدٌ) قالوا نقدِّر النفي (والله لا يَقُومُ زَيْدٌ) حينئذٍ تخلَّف الشرط الأول وهو (الإثبات).