قيل ((فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ)) [الأنفال:57] ((فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ)) [الزخرف:41] ((فَإِمَّا تَرَيِنَ)) [مريم:26] حينئذٍ نقول هذا فعلٌ مضارع تالياً لـ (إِمَّا) الشرطية، حينئذٍ فيه خلاف بين النحاة هل هو ضرورة أو يحْسُن؟ سيأتي.
إذاً: من المواضع التي يؤكَّد فيها الفعل المضارع إذا كان شَرْطاً تَالِيَا لـ (إِمَّا).
واحترز به من الواقع شرطاً بغير (إِمَّا) فإن توكيده قليل، وهو الذي عناه بقوله:
وَغَيرَ إِمَّا مِنْ طَوَالِبِ الجَزَا ..
هذا معطوف على قوله:
وَقَلَّ بَعْدَ مَا وَلَمْ وَبَعْدَ لاَ ..
أو شَرْطاً تَالِيَا (إِمَّا) هذا كثير بدليل أنَّ قوله (وَقَلَّ) وما عُطِف عليه:
وَغَيرَ إمَّا مِنْ طَوَالِبِ الجَزَا ..
فالتوكيد بعده قليل
. . . . . . . .................. ... ........ أَوْ شَرْطَاً امَّا تَالِيَا
أَوْ مُثْبَتاً فِي قَسَمٍ مُسْتَقْبَلاَ ... ......................................
(أَوْ مُثْبَتاً) يعني (أو آتِيَاً مُثْبَتاً) معطوف على (شَرْطاً)، (أو آتِيَاً مُثْبَتاً) يعني الفعل المضارع .. آتِيَاً مُثْبَتاً لا منفياً، (فِي قَسَمٍ) يعني في جواب قسمٍ: جار مجرور متعلِّق بقوله (مُثْبَتاً)، (مُسْتَقْبَلاً) هذا نعت لـ (مُثْبَتاً) أو حال من الضمير المستتر في (مُثْبَتاً)، مُثْبَتاً حال كونه (مُسْتَقْبَلاَ) يعني دالاًّ على الاستقبال لا على المضي ولا على الحال، بهذه الشروط الثلاثة:
أن يكون الفعل مُثْبَتْاً، في جواب قسمٍ، دالاًّ على الاستقبال، زد عليه (غَيْرَ مَفْصُولٍ مِنْ لاَمِهِ بِفَاصِلْ) أربعة شروط، (غَيْرَ مَفْصُولٍ مِنْ لاَمِهِ) لام القسم يعني (بِفَاصِلٍ) نحو ((تَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ)) [الأنبياء:57] تَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ، (أَكِيدَنَّ) هذا فعلٌ مضارعٌ مُثْبَت في جواب قسم مُسْتَقْبَل اتَّصلت به اللام (لأَكِيدَنَّ) هل فُصِل بين اللام وبين الفعل؟ لا لم يفصل. حينئذٍ نقول في مثل هذا الموضع عند الكثير: يجب تأكيده.
إذاً:
أَوْ مُثْبَتاً فِي قَسَمٍ مُسْتَقْبَلاَ ..
غَيْرَ مَفْصُولٍ مِنْ لاَمِهِ بِفَاصِلٍ نحو ((تَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ)) [الأنبياء:57]، ولا يجوز توكيده بهما إن كان منفيَّاً، لأنَّنا اشترطنا: أن يكون (مُثْبَتاً) إذاً إذا كان منفيَّاً فلا يجوز توكيده بهما ((تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ)) [يوسف:85] (تَفْتَأُ) نقول هذا لا يجوز توكيده ولو كان في جواب قسم، لماذا؟ منفي، أين النفي؟ (تَفْتَأُ) مثبت هذا، مقدَّر (تَاللَّهِ لا تَفْتَأُ)، إذاً: إذا كان في جواب قسم وهو منفي حينئذٍ لا يؤكَّد بهما، إذ التقدير (لاَ تَفْتَأُ).
أو كان مفصولاً من اللام ((وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ)) [الضحى:5] (يُعْطِيكَ) نقول هذا وقع في جواب قسم، واللام الداخلة على (سوف) لام القسم (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ) لكن هذا لا يجوز توكيده، لأنَّنا اشترطنا أن تكون اللام داخلة على الفعل لم يفصل بينهما فاصل، فإذا فصل مثل (سوف) حينئذٍ نقول: لا يجوز التوكيد، بل لا بدَّ من أن تكون اللام داخلةً على الفعل ولم يفصل بينهما فاصل.