وَالنَّصْبَ: النصب في اللغة: الاستقامة والاستواء، وأما في الاصطلاح: فهو نفس الفتحة وما ناب عنها، نقول: هذا هو النصب.
الْرَّفْعَ وَالنَّصْبَ: هنا قدم الرفع على النصب لماذا؟ لأن الرفعَ إعراب العمد: الفاعل والمبتدأ والخبر ونائب الفاعل، ولا يخلو كلامٌ من اسم مرفوع البتة، لا يخلوا كلام، أقل ما يتألف منه الكلام اسمان أو اسم وفعل، اسمان: مبتدأ وخبر، كلاهما مرفوعان، اسم وفعل، الاسم هنا إما فاعل وإما نائب فاعل، وهما مرفوعان.
إذاً: لا يمكن أن يوجد كلام وليس فيه اسم مرفوع البتة، أليس كذلك؟ إذاً: قدم الرفع؛ لأنه إعراب العمد، يعني: المبتدأ والخبر والفاعل ونائب الفاعل، ثم عدم خلو أي كلام عن رفعٍ، لا يتصور وجود كلام لا يوجد فيه اسم مرفوع البتة.
وَالْرَّفْعَ وَالنَّصْبَ: ثنَّى بالنصب؛ لأنه قد يكون معمولاً لفعل، والفعل هو الأصل في العمل، حينئذٍ صار أقوى من الخفض، الخفض هذا خاص بالأسماء، والنصب مشترك، والفعل إنما أعرب حملاً على الاسم، فأيهما أولى: أن يقدم ما هو خاصٌ بالاسم، أو ما هو مشترك مع غيره؟ الأولى: ما هو خاصٌ بالاسم؛ لأنه أشرف، لكن هنا لما كان ما اختص بالاسم عامله لا يكون إلا اسماً أو حرفاً وهو الجر، وعامل النصب قد يكون فعلاً: ضربت زيداً، زيداً: هذا منصوب بماذا؟ بضرب، وقلنا: الأصل في العمل الأفعال.
فمن هذه الحيثية قدم النصب على الجر. ...
وَالْرَّفْعَ وَالنَّصْبَ اجْعَلَنْ إِعْرَاباً ... لاِسْمٍ وَفِعْلٍ نَحْوُ لَنْ أَهَابَا
اجْعَلَنْ الرفع، اجْعَلَنْ: هذا فعل أمر مبني على الفتح؟ اجعلن مبني على الفتح لا تتردد! مبني على الفتح لماذا؟ لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة، اجعل: هذا يتعدى إلى مفعولين، أين مفعوله الأول؟ الرفع، والنصب مفعوله الثاني؟ لا، هذا معطوف عليه أحسنت، إعراباً: هذا هو المفعول الثاني؛ لأنه قال: اجعلن الرفع النصب إعراباً لاسم، لاسم: هذا متعلق بإعراباً.
وهنا قدم معمول الفعل المؤكد بالنون، وهذا ممتنع عند الجماهير، معمول الفعل .. الفعل إذا أكد بالنون معمولاته كلها لا تتقدم عليه، وهنا قدم من أجل الوزن، ضرورة يعني.
وَالْرَّفْعَ وَالنَّصْبَ اجْعَلَنْ إعْرَاباً ... لاِسْمٍ .. نحو: إن زيداً قائمٌ، (إن): حرف توكيد ونصب، وزيداً: اسم إن منصوب بها، وعلامة نصبه الفتحة، قائمٌ: هذا خبر إن مرفوعاً بها، إذاً: اجتمع في هذا المثال مثالان: الرفع والنصب للاسم، فالاسم مرفوع في هذا التركيب، وهو قائمٌ خبر إن، والاسم منصوب في هذا التركيب وهو اسم إن.
وَفِعْلٍ: أطلق الفعل ومراده به المضارع، هل يرد اعتراض عليه بأنه يشمل الماضي والأمر؟ الجواب: لا، لماذا؟ لأنه يتكلم في مقام الإعراب، وسبق أنه نص على أن المضارع معرب، قال: وأعربوا مضارعاً، إذاً: لما أطلق هنا الفعل يجب أن يحمل على المضارع ولا يشركه غيره فيه.
لاِسْمٍ وَفِعْلٍ مضارعٍ، نحو: يقوم، ولن أهابا، يقوم زيدٌ، يقوم: هذا فعل مضارع مرفوع لتجرده عن الناصب والجازم، إذاً: فعل مضارع رفع بالضم على الأصل، نفس الضمة وما ناب عنها.
ولن أهابا، لن: حرف نصب، وأهابا: الألف هذه للإطلاق، أهاب: هذا فعل مضارع منصوب بلن، ونصبه الفتحة الظاهرة على آخره.