والاسْمُ قَدْ خُصِّصَ بِالْجَرِّ كَمَا: هذا شروع فيما اختص كل قبيل بنوع من أنواع الإعراب، اشتركا الاسم والفعل المضارع في الرفع والنصب، وانفرد الاسم بالجر، وانفرد الفعل بالجزم، إذ هي أربعة لا خامس لها: رفع ونصب وخفض وجزم، والاسْمُ قَدْ خُصِّصَ بِالْجَرِّ، قوله بالجر: الباء هنا داخلة على المقصور كما هو الأكثر.

والاسْمُ قَدْ خُصِّصَ بِالْجَرِّ، يعني: الاسم مخصوص بالجر، هل هذا فيه معنىً زائد عن قوله فيما سبق بالجَرِّ لِلاِسْمِ تَمْيِيزٌ حَصَلْ؟ قلنا: العلامة لا تكون علامة إلا إذا اختصت بمدخولها، صحيح؟ يعني: ما كان علامةً للاسم لا يجوز دخوله على الفعل، صح؟ (أل) الموصولة قلنا فيها خلاف، هل هي من علامات الأسماء أو لا؟ قيل: من علامات الأسماء، قيل: لا، ما السبب في هذا الخلاف؟ دخولها على الفعل المضارع، من جَوَّز دخولها على الفعل المضارع منع اختصاص الاسم بها، لم يمنع دخولها على الاسم انتبه! وإنما منع اختصاص الاسم بها فحسب، لم يجعلها علامةً له.

فحينئذٍ ما كان علامةً فهو خاص به، يلزم منه، وإلا فلا.

قوله: بالجَرِّ –هناك- لِلاِسْمِ تَمْيِيزٌ حَصَلْ، دل على أنه مخصوص، هل استفدنا من هذا الشطر شيء أم لا؟ نقول: نعم استفدنا، والاسْمُ قَدْ خُصِّصَ بِالْجَرِّ، وقوله: سابقاً بالجر إلى آخره لبيان علامة الاسم، وهنا لبيان أنه نوع من أنواع الإعراب خاص بالاسم فلا تكرار، هناك قلنا: الشيء قد ينظر إليه باعتبارين هذه قاعدة، وخاصة عند النحاة يكثر عندهم مثل هذه الأمثلة، الشيء الواحد قد يكون له اعتباران، مثلاً الجر هو علامة وهو نوع من أنواع الإعراب، حينئذٍ قد نتحدث عنه من جهة كونه علامة، فنقول: بالجَرِّ لِلاِسْمِ تَمْيِيزٌ حَصَلْ، وقد نتكلم عنه من جهة أخرى، وهي كونه نوعاً من أنواع الإعراب، حينئذٍ نقول: والاسْمُ قَدْ خُصِّصَ بِالْجَرِّ، إذاً: افترقا فلا تكرار.

والاسم قد خصص بالجر، لماذا؟ قيل: لخفته؛ ولأن كل مجرور مخبر عنه في المعنى، ولا يخبر عن الأسماء، إذاً: لا يدخل الجر إلا الاسم، فلا يدخل الفعل؛ لأن المجرور مخبر عنه في المعنى، ولا يخبر إلا عن الاسم، بدليل: ومسندٍ للاسم تمييز حصل، وهذا دل على أن الإسناد أو الإخبار إنما هو من علامة الأسماء، وكل مجرور أو مضافٍ إليه فهو مخبر عنه في المعنى.

إذاً: والاسْمُ قَدْ خُصِّصَ بِالْجَرِّ، نقول: الباء هنا داخلة على المقصور كما هو الأكثر، وسبب التخصيص وعلته: خفة الاسم، والجر هذا ثقيل؛ لأنه حركة، ثم هو كسرة، والكسرة أثقل من الفتحة، فحينئذٍ مناسبةً أعطي البسيط الخفيف الكسرة، بِالْجَرِّ: فلا يوجد حينئذٍ في الفعل .. لا يمكن أن يكون الفعل مجروراً، لماذا؟ أحسن ما يعلل به نقول: امتناع دخول عامل الجر عليه، هذه واضحة بينة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015