الضم هل يدخل الاسم؟ نعم حيثُ، الكسر هل يدخل الاسم؟ نعم، أمسِ، لكن الضم والكسر هل يدخلان الفعل؟ الجواب: لا؛ لأن الفعل ثقيل والكسر ثقيل ولا يجتمعان، فإذا لم يجتمع الكسر مع الفعل الذي هو أدنى من الضم فالضم من باب أولى، أليس كذلك؟
إذاً: الضم والكسر فيكونان في الاسم والحرف لا الفعل؛ لثقلهما وثقل الفعل، وأما نحو: ضربوا على ما ذكرناه أولاً، ضرَبُوا، نقول: هذه الحركة حركة مناسبة، والفتح مقدر، حينئذٍ ضرَبُوا: هذا مبني على الفتح، ليس مبنياً على الضم؛ لأن الضم لا يدخل الفعل، وأما نحو: رُدُّوا بضم الدال فمبني على سكون مقدر وضمته للإتباع كما ذكرناه أمس، ردَّ .. ردِّ .. ردُّ، فحينئذٍ كيف يقال: الفعل لا يدخله الضم وردُ هذا فعل أمر مبني على الضم؟! نقول: لا، ليس مبنياً على الضم بل هو مبني على السكون المقدر، والحركة هذه للإتباع، إتباع الدال حركة الفاء، رُدُ.
كذلك اللغة الأخرى: رُدِّ، نقول: الكسر دخل الفعل، نقول: لا، لم يدخل الفعل؛ لأنه فعل أمر مبني على السكون المقدر، ونحو: عي وقي، عي: هذا فعل أمر من الوقاية، وقي: وقى يقي قي، قِه قي، نقول: هذا مبني على الكسر، لا، ليس مبنياً على الكسر، وإنما هو مبني على حذف حرف العلة، وقى يقي فحينئذٍ يحذف أوله حرف المضارعة، ثم يبنى على حذف آخره، فصار: عي قي قِه .. عِه بهاء السكت .. إذاً: ردِّ ورُدُّ، نقول: هذا ليس بمبني على الضم.
وَكُلُّ حَْرفٍ مُسْتَحِقُّ لِلْبِنَا
وَمِنْهُ ذُو فَتْحٍ وَذُو كَسْرٍ وَضَمْ ... وَالأَصْلُ فِي الْمَبْنِيِّ أَنْ يُسَكَّنَا
كَأيْنَ أمْسِ حَيْثُ وَالسَّاكِنُ كَمْ
ثم قال:
وَالْرَّفْعَ وَالنَّصْبَ اجْعَلَنْ إِعْرَاباً
وَالاِسْمُ قَدْ خُصِّصَ بِالْجَرِّ كَمَا ... لاِسْمٍ وَفِعْلٍ نَحْوُ لَنْ أَهَابَا
قَدْ خُصِّصَ الْفِعْلُ بِأَنْ يَنْجَزِمَا
هذا شروع من المصنف في ذكر ألقاب الإعراب وهي أربعة.
الإعراب: أثر ظاهر أو مقدر يجلبه العامل في آخر الكلمة أو ما نُزِّلَ مُنَزَّلَتَه، حينئذٍ أثر ظاهر، قلنا: هذا الأثر إما حركة، وإما حرف، وإما سكون، وإما حذف واحد منها، فالإعراب صار جنساً، تحته أنواع أربعة: رفع وضم وكسر وجزم، أو الرفع والنصب والخفض والكسر، وهي أربعة.
وعن المازني: أن الجزم ليس بإعراب، وإنما أعطي الفعل الجزم من أجل أن يكون ثلاثة أحوال، موافقةً للاسم؛ لأن الاسم إما أن يكون مرفوعاً وإما أن يكون منصوباً، وإما أن يكون مجروراً وهذا محل وفاق، الفعل المضارع أشبه الاسم فأخذ حكمه في الإعراب، فحينئذٍ ليس له إلا الرفع والنصب، نقص واحد، قالوا: نكمل له بالجزم من أجل أن يتعادل مع الاسم، هكذا قيل!
وهذه الأربعة منها ما هو مشترك بين الأسماء والأفعال، ومنها ما هو مختص بقبيل منها، حينئذٍ صارت ثلاثة، هي أربعة من حيث الأنواع، ومن حيث المحل هي ثلاثة، مشترك بين الأسماء والأفعال .. مختص بالأسماء .. مختص بالأفعال.
وَالْرَّفْعَ: الرفع لغةً: العلو والارتفاع، وأما في الاصطلاح القول بأن الإعراب لفظي وهو الصحيح، نفس الضمة وما ناب عنها، هذا المراد بالرفع، الضمة نفسها، نقول: هي الإعراب .. هي الرفع، والرفعَ سواء كان ظاهراً أو مقدراً.