(دُعِيَتْ) هذا مُغيَّر الصيغة، والتاء هنا تاء التأنيث، و (نَزَالِ) نائب فاعل، (دُعِيَتْ نَزَالِ) كأنه قال: جاءت نَزَالِ، أسْنَد إليها .. صارت نائب فاعل، فهو من الإسناد اللفظي، ليس المقصود المعنى، إنما (دُعِيَ نَزَالِ) يعني: قِيْل نَزال في الحرب، فحكى اللفظ كما هو، فقُصِد لفظه لا معناه، يعني: إسنادٌ لفظي.

ثُمَ قال السيُوطي: "والقول في الحد هي أسماء أحسن من قول التسهيل - التسهيل لابن مالك -: هي ألفاظٌ" وهي التي أخذها ابن عقيل هنا، "هي ألفاظٌ إلى آخره، لأنه يدخل فيه (إن وأخواتها) فإنها ألفاظٌ كذلك قَامَت مَقَام أفعالٍ، فَعمِلت غَيرَ مُتصرِّفةٍ تَصرُّف الأسماء، ولا تَصرُّف الأفعال"، إذاً: يصدق على (إن وأخواتها) أنها غير مُتصرِّفة لا تَصرُّف الأسماء ولا الأفعال، فإذا قلنا: ألفاظٌ دخلت معنا، وإذا قلنا أسماء خرجت، لأنها حروف ليست بأسماء، "فعملت غير مُتصرِّفةٍ تَصرُّف الأسماء ولا تصرُّف الأفعال، وهي حروفٌ لا أسماء وأفعال، ولذا احتاج إلى إخراجها فزاد في (الكافية) قوله: {ولا فضلة} الذي ذكره الأشْمُوني هناك: لإخراج الحروف، لأن الحرف أبداً فَضْلةٌ في الكلام".

وعرَّفه ابن هشام في (التوضيح) بقوله: "ما ناب عن الفعل معنىً واستعمالاً" اسم الفعل: ما ناب عن الفعل معنىً واستعمالاً، يعني: أُدِّي به معنى الفعل، و (استعمالاً) بمعنى كونه: يعمل عمل الفعل، "والمراد بالاستعمال: كَونُه عاملاً غير معمولٍ، فخرجت المصادر والصفات، فإن العوامل تدخل عليها" على الصفات والمصادر.

ثُمَ قال رحمه الله:

وَالفِعْلُ مِنْ أَسْمَائِهِ عَلَيْكَا ... وَهَكَذَا دُونَكَ مَعْ إِلَيْكَا

كَذَا رُوَيْدَ بَلْهَ نَاصِبَيْنِ ... وَيَعْمَلاَنِ الخَفْضَ مَصْدَرَيْنِ

أشار بهذين البيتين إلى أن أسماء الأفعال على ضربين:

أحدهما: مُرْتَجَل.

والثاني: منقول.

وما المراد بالمُرْتَجَل؟ ابتداءً هكذا وُضِع: (اسم فعل)، والمنقول: سَبَق له استعمال: إمَّا ظرف، أو جار ومجرور، أو مصدر، يعني: أن اسم الفعل على ضربين -نوعين-:

أحدهما: ما وضِعَ من أول الأمر كذلك، يعني: اسم فعلٍ، وهذا يُعَبَّر عنه بالمُرْتَجَل:

وَمِنْهُ مَنْقُولٌ كَفَضْلٍ وَأَسَدْ ... وَذُو ارْتِجَالٍ كَسُعَادَ وَأُدَدْ

وقوله هنا كالقول هناك.

أحدهما: ما وضِعَ من أول الأمر كذلك، يعني: اسم فعلٍ مُرْتَجل.

والثاني: منقولٌ، يعني: ما نُقِل عن غيره، وهذا نوعان:

الأول: منقولٌ عن ظرفٍ، أو جار ومجرور، يعني: أصله ظَرف فنُقِل إلى اسم الفعل، أو جار مجرور ونُقِل إلى اسم الفعل، نحو: (عليك نفسَك) يعني: الزم نفسك أصل: (عليك) جار ومجرور: على والكاف .. (عليك) فنقلت إلى اسم الفعل، يعني: ضُمِّنت المعنى.

ومنه: ((عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ)) [المائدة:105] (أنفسكم) مفعولٌ به لـ (عليكم) أي (الزموا شأن أنفسكم).

إذاً: (عليك) نقول: هذا جار ومجرور في الأصل، نُقِل إلى اسم فعل أمر فصار معناه: الزم، ومنه قوله تعالى: ((عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ)) أي (الزموا شأن أنفسكم).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015