(ودونَك زيداً) دُوْنَ ودُوْنُ .. قبلُ وبعدُ، مثلها، أصلها: ظرف مكان فنُقِلت إلى اسم فعل أمر، (ودونَك زيداً) دونك بمعنى: خذ، و (مكانك) بمعنى: اثبت مكانك، و (أمامك) بمعنى: تَقدَّم، و (ورائك) بمعنى: تأخَّر، و (إليك) بمعنى: تَنَحَّ، ولذلك تعدَّى بـ (عن) .. إليك عنِّي، يعني: تَنَحَّ عنِّي، إذاً: هذه ألفاظ: إمَّا جار ومجرور نُقِل إلى اسم الفعل، وإمَّا ظرفٌ في الأصل فنُقِل إلى اسم الفعل.
قال في (شرح الكافية): "وهذا النوع لا يُسْتَعْمَل إلا مُتَّصِلاً بضمير المخاطب" (عليك .. دونك .. أمامك) "لا يُسْتَعْمَل إلا مُتَّصِلاً بضمير المخاطب"، وسيأتي محل الضمير: رفعٌ .. نصبٌ .. خفضٌ، على ثلاثة أقوال.
قال في (شرح الكافية): "ولا يُقاس على هذه الظروف غيره" لا يقاس .. مسموع (عليك ودونك) .. ما نُقِل من الظروف، والجار والمجرور، كله سماعي، ولذلك هناك في المكُودِي قال: "وهذا النوع مسموع، والمسموع منه أحد عشر لفظاً" فهو المذكورة هنا، ثلاثة في البيت و (عِنْدك) و (لَدَيْك) و (ورَائَك) و (أمَامَك) و (مَكانَك) و (بَعدَك) هذه كلها مسموعة تُحفظ ولا يُقاس عليها.
إذاً قال في (شرح الكافية): "ولا يُقاس على هذا الظروف غيره، إلا أن الكِسَائي" ذهب إلى القياس .. ذَهَب إلى أنه يَصِح القياس، "إلا أن الكِسَائي يقيس على ما سُمِع ما لم يُسْمَع، بشرط: كونه على أكثر من حرفٍ، احترازاً من نحو: (بك) و (لك) " على كلٍّ مذهب الكِسَائي ضعيف، والصواب: أنها سماعي، ومَا ذَهَب إليه من جواز القياس، وإذا قَيَّده بشرطٍ حينئذٍ نقول: هذا التقييد دليل التضعيف، لا بُدَّ من ثَبَتٍ يَدُل عل أنه قياسي.
"بشرط كونه على أكثر من حرفٍ احترازاً من نحو: (بك) و (لك)، ولا يُستعمل هذا النوع إلا مُتَّصِلاً بضمير المخَاطَب، وشذَّ قولهم: عليه رجلاً" اتصل بضمير الغَيْبة، والقياس المحفوظ: أنه يَتصل بضمير الخطاب، (عليك) أمَّا: (عليه رجلاً) يعني: يلزم رجلاً فهذا ضعيف، يُحفظ ولا يُقاس عليه. إذاً: عَرَفنا أنه لا بُدَّ من ضمير الخطاب، اخْتُلِف في مَحل هذا الضمير: ما إعرابه .. ما مَحله؟
واخْتُلِف في الضمير المُتصل بهذه الكلمات، فَموضعه: رفعٌ عند الفَراء على الفاعلية وهو ضعيف، يَرُده أن الكاف ليس من ضمائر الرفع (عليك) الكاف هذه: إمَّا ضمير نصب، أو ضمير خفض، والقول: بأنها في محل رفع فاعل، نقول: هذا ضعيف.
ونصبٌ عند الكِسَائي على المفعولية والفاعل مُستتر، ويرد هذا القول قولهم: (مَكَانَك وأمَامَك) هذا لازم، (مَكَانَك) لازم، فكيف الكاف تكون في محل نصب وهنا لازم؟ وكذلك (أمامك) لازم؟ إذاً: لا يتعدَّى إلى مفعول به، فكيف يقول الكِسَائي بأنه في محل نصب؟