إذاً نقول: الأصل في التحذير والإغراء: ما ذكره النحاة في التنبيه، لكن يَرِد اعتراض، وهو أن قولهم: تَنْبيه المخَاطَب على أمرٍ محمود ليفعله، وتَنْبيه المخَاطَب على أمرٍ مذموم ليَجْتنبه، مبحث النحاة في: الإعراب والبناء، وهذا أشبه ما يكون بمعنىً لغوي أو اصطلاحي، أو معنىً عام، أو مؤدى لتركيب إسنادي ونحو ذلك، لكن لا يَتعلَّق بالمنصوب نفسه.

نحن نقول هنا: إيَّاك والشَّر، (إيَّاك) منصوب على التحذير، هل تَعرَّض له التعريف؟ وهناك نقول: (الصَّلاَةَ) منصوب على الإغراء، هل تَعَرَّض له التعريف؟ ولذلك انتُقِد هذا التعريف، قيل: الأولى أن يُعرَّف التحذير: بأنه اسمٌ منصوب بأُحَذِّر مَحذُوفاً وجُوباً، هذا؟؟؟ بناؤه وإعرابه، وزِدْ عليه التتميم الآخر، تَنْبيهاً للمخَاطَب لأمرٍ محمودٍ ليفعله، يعني: اجعل هذا مُقدِّمة، لأن بحثنا في ماذا؟ نحن نريد نَصْب وإعراب وجَر، أمَّا هذه المعاني العامة ليست من مصطلحنا، أثرٌ ظاهرٌ أو مُقدَّر يَجلبه العامل .. إلى آخره، حينئذٍ نقول: هذا الذي يعني النحاة، وأمَّا الأمر العام فلا.

كذلك في الإغراء، نقول: اسمٌ منصوبٌ بـ: (الزم)، محذوفاً وجوباً، لتَنبيه المخَاطَب إلى آخر التعريف، إذاً: لا بُدَّ من زيادة هذين القيدين من أجل أن يكون البحث في اسمٍ منصوبٍ والعامل محذوف وجوباً.

التَّحْذِيرُ وَالإغْرَاءُ.

قالوا هنا في فائدة: وإنما ذُكِرا بعد النداء لأن الاسم في التحذير والإغراء مفعولٌ به لفعلٍ محذوف، لا يجوز إظهاره كالمنادى على تَفْصيل آتٍ، يعني: كأنهم أرادوا أن يُلْحِقُوا هذا بالمنادى .. قد تكون مناسبة بينهما، أن كلاًّ منهما منصوبٌ لعاملٍ محذوف.

التَّحْذِيرُ وَالإِغْرَاءُ:

إيَّاكَ وَالشَّرَّ وَنَحْوَهُ نَصَبْ ... مُحَذِّرٌ بِمَا اسْتِتَارُهُ وَجَبْ

وَدُونَ عَطْفٍ ذَا لإِيَّا انْسُبْ وَمَا ... سِوَاهُ سَتْرُ فِعْلِهِ لَنْ يَلْزَمَا

إِلاَّ مَعَ الْعَطْفِ أَوِ التَّكْرَارِ ... كَالضَّيْغَمَ الضَّيغَمَ يَا ذَا السَّارِي

(إيَّاكَ وَالشَّرَّ) هذا مفعولٌ به مُقدَّر، (نَصَبَ مُحذِّرٌ إيَّاكَ والشَّرَّ ونحوه، بِمَا اسْتِتَارُهُ وَجَبْ).

(إيَّاكَ وَالشَّرَّ) قُصِد لفظه: فهو مفعولٌ به منصوب، وعلامة نصبه فتحة مُقدَّرة على آخره، (الشَّرَ هُنا) مُقدَّرة على الراء، (وَنَحْوَهُ) انظر! نَصَبَه، والواو حرف عطف معطوف على (إِيَّاكَ وَالشَّرَّ) إذاً: نَصَبَه فَدَّل على أنه منصوب: وهو مفعولٌ مُقدَّر.

(نَصَبَ مُحَذِّرٌ) (نَصَبَ) فعل ماضي مبني على فتحٍ مُقدَّر، منع من ظهوره سكون الروي، (مُحَذِّرٌ) هذا فاعل، إذاً قلنا: عندنا مُحذِّر، وعندنا مُحذَّر، ومُحذَّرٌ منه، (إيَّاكَ) هذا مُحذَّر، أنا المتَكلِّم مُحذِّر، (الشَّرَّ) مُحذَّرٌ منه، (نَصَبَ مُحَذِّرٌ) نَصَب بـ (مَا) بعاملٍ وجب استتاره، (اسْتِتَارُهُ وَجَبْ) التقديم أحسن، (اسْتِتَارُهُ) مبتدأ و (وَجَبْ) خبر، و (اسْتِتَارُهُ وَجَبْ) الجملة الاسمية لا مَحل لها من الإعراب صلة الموصول.

إذاً: شَرَع الناظم بِذِكْر الوسيلة الأولى في التحذير وهي أهمها، وهي بـ (إيَّاك وأخواته)، نقول: التحذير يكون بثلاثة أشياء .. له ثلاث طُرق:

- (إيَّاك وأخواتها).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015