- الثاني: ما نَاب عنه من الأسماء المضافة إلى ضمير المخَاطَب: (نفسَك .. نفسَك) كما سيأتي.
- الثالث: ذِكْر المُحذَّر منه، هذه ثلاث طرق.
(إيَّاكَ وَالشَّرَّ): أشار بهذا البيت إلى النوع الأول وهو الأهم وهو عليه العُمْدَة لأنه الأصل، إذاً: (إيَّاك وأخواته) هي الطريقة الأولى في إيجاد وحصول تركيب التحذير.
(إيَّاكَ وَالشَّرَّ وَنَحْوَهُ) نحو ماذا؟ نحو: (إيَّاكَ وَالشَّرَّ .. إيَّاكُمَا وَالشَّرَّ .. إيَّاكُم وَالشَّرَّ .. إيَّاكُنَّ وَالشَّرَّ)، إذاً: نحو (إيَّاكَ أخواتها) وهو ما كان لمخَاطَب: (إيَّاكَ .. إيَّاكِ وَالشَّرَّ .. إيَّاكُما .. إيَّاكَم .. إيَّاكُنَّ) إذاً يعني: أن قولك (إيَّاكَ وَالشَّرَّ وَنَحْوَهُ) من الضمائر المنصوبة المنفصلة الذي هو (إِيَّا)، سبق معنا أن (إيَّا) هو ضميرٌ منفصل، إذا عُطِف عليه نُصِب بِفعلٍ يجب استتاره، لأن التركيب .. كأنه يقول لك: قِس على هذا التركيب وأنت استنبط منه، (إيَّاكَ): هذا ضمير مُنفصل نصب، (وَ) عَطَفَ عليه، (الشَّرَّ) هذا منصوبٌ.
قال: (بِمَا اسْتِتَارُهُ وَجَبْ) إذاً: نَصَبَ مُحَذِّرٌ إِيَّاكَ وَالشَّرَّ بِمَا اسْتِتَارُهُ وَجَبْ، نحو: (إيَّاكُما والأسدَ، وإيَّاكُمْ والمخالفة) هذا نحوه، يعني: إمَّا أنك تُغيِّر في لفظ الشر، وإمَّا أنك تأتي بمفردات وأخوات (إِيَّا).
وفُهِم منه: أن العامل المُقدَّر يَجب تَقْديره بعد الضمير، لأنه قال (بِمَا اسْتِتَارُهُ وَجَبَ) إذاً: إذا كان استتاره واجباً حينئذٍ لا بُدَّ من تَقدِيره، أين يُقَدَّر؟ يَجب أن يتأخر ولا يتقدَّم على (إِيَّا) لأنه لو تقدَّم على (إيَّا) لوجب اتصاله بعامله، ونحن الآن تصورنا المسألة فيما جاز أن يكون الضمير مُنفصلاً، فإذا أمْكَن الاتصال تعيَّن، إذاً: لا يُمكن أن نقدِّر هذا العامل قبل (إيَّا). فُهِم منه: أن العامل المقَدَّر يُقَدَّر بعد الضمير لما يلزم من تقديره قبله اتصاله به.
وَفِي اخْتِيَارٍ لاَ يَجِيءُ المنُْْفَْصِلْ ... إِذَا تَأَتَّى أَنْ يَجِيءَ المُتَّصِلْ
هذا القاعدة تطبقها هنا، فإذا قدَّرت الفعل المحذوف تُقدِّره بعد (إيَّا) ولا تُقدِّره قبله، لأنك لو قَدَّرته قبله لوجب اتصال الضمير، فإذا اتصل الضمير حينئذٍ انتقل عن لفظ (إيَّا) .. خرج عنه، ونحن نريد هذا اللفظ بِعينه، ولا يُمكن أن نَصل إليه إلا إذا تأخر العامل المُقدَّر. فيلزم تعدي فعل الضمير المتَّصِل لضميره المنفَصِل، وهو ممتنعٌ في غير باب (ظن وأخواتها) سميه هناك الذي ذكرناه استثناء ما عداه فهو ممتنع لا يجوز.
ثُمَّ (إيَّاكَ) تُستعمل في التحذير معطوفاً عليها كما تقدم: وَدُونَ عَطْفٍ.
قال: (إيَّاكَ وَالشَّرَّ وَنَحْوَهُ نَصَبْ) عرفنا المراد بـ (نَحْوَهُ) (إيَّاكَ وإيَّاكِ وإيَّاكُم وإيَّاكُنَّ).
(نَصَبْ مُحَذِّرٌ بِمَا اسْتِتَارُهُ وَجَبَ) لماذا وجب استتاره؟ قالوا: لأنه لمَّا كثُر التحذير بهذا اللفظ جعلوه بَدلاً من اللفظ بالفعل، لمَّا كثُر التحذير بهذا اللفظ في لسان العرب: (إيَّاكَ والشَّرَّ .. إيَّاكَ والأسد .. إيَّاك والقتلَ) كَثُر التحذير بهذا اللفظ، حينئذٍ جعلوا هذا اللفظ الملفوظ به بَدَلاً عن الفعل.