ولذلك قال: "ويَختصُّ بـ (أيٍّ) الواقعة بعد ضمير المُتكلِّم" خَصَّ ضمير المتكلِّم وواقعةٌ بعده لا قبله .. لا يجوز أن تتقدَّم.

" نحو: (أنا أفعل كذا أيُّها الرجل) و (اللهم اغفر لنا أيَّتها العصابة)، وإنْما اخْتصَّ بها لأنه لمَّا جَرَى مَجرى النداء لم يكن في المناديات ما لَزِم النداء على صيغة الخاصة إلا (أيُّها الرجل) فلازمه معنى الخطابية الذي في النداء، فناسب أن يكون وحده مفسَّراً" هذه على رابعة، لكنها أضعف مما سبق.

فلا يقال: (إني أفعل زيدٌ) لا يصح .. تُعيد نَفْسَك، وحكم (أيٍّ) في هذا الباب حكمها في باب النداء من بنائها على الضمِّ، مَحكوماً على موضعها بالنصب، إذاً: هي مبنية على الضَمِّ في محل نصب.

وليس هذا الحكم خاص بالنداء، لو انفرد النداء بهذا لقلنا: كل ما أشبهه فهو شبيهٌ بالنداء، يعني: المبني إذا تَسلَّط العَامِل على مَحله حينئذٍ نقول مثل (ضَرَبْتُ حَذَامِي) (حَذَامِي) مبني على الكسر في محل نصب، إذاً: شابه (يا زيد) مبنيٌ في اللفظ لكنه في مَحل نصب، إذاً: لا يختصُّ بالنداء، لو كان تَسليط العَامِل على المَحل خَاصَّاً بالنداء لكان كل ما أشبهه قلنا هذا شبيهٌ بالنداء، لكن الحكم ليس خاصاً. وحكم (أيٍّ) في هذا الباب حكمها في باب النداء من بناءها على الضَمِّ مَحكوماً على موضعها بالنصب، ووصفها باسم الجنس مُلتَزِماً فيه الرفع. وهذا كذلك ليس خاص بالنداء.

ولا يدخل عليها حرف النداء لأن المراد بها: المُتكلِّم، والمُتكلِّم لا ينادي نفسه، ولذلك قيل: خبر، والنداء هنا كـ: (إنشاء)، إذاً: فرقٌ بينهما.

ويَقوم مَقَام (أيٍّ) انظر الأصل: هو (أي) .. ويقوم مقام (أيٍّ) في الاختصاص مُصرَّحاً بنصبه اسمٌ دَالٌّ على مفهوم الضمير، مُعرَّف باللام، يعني: مَا يَدُل ويُفسِّر ويكشف ويشرح الضمير، (نحن) من؟! مُبْهَم، لمَّا قال: (العُرْبَ) إذاً: (العُرْبَ) هذا مُفسِّرٌ لمفهوم الضمير الذي فيه الإبهام، (نحن العُرْبَ أقرى الناس للضيف).

أو الإضافة .. هذا النوع الثالث: {نَحْنُ مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ}. قال سيبويه: "فأكثر الأسماء دخولاً في هذا الباب (بنو فلان) و (معشَر مُضافة) و (أهل البيت) و (آل فلان)، قال: العرب تَنْصِب في الاختصاص هذه الأربعة، ولا ينصبون غيرها" فهي خاصة بباب الإضافة، إذاً: باب الإضافة أُغْلِق .. أربعة فقط التي ذكرها سيبويه، وما عداها اجتهاد منه.

وقلَّ كونه عَلَماً كقول رؤبة:

بِنَا تَمِيماً يُكْشَفُ الضَّبَابُ ..

ولا يكون اسم إشارة ولا غيره، ولا نكرة البتَّة، ولا يَجوز تقديم اسم الاختصاص على الضمير، وإنما يكون بعده حشواً – يعني: في أثناء الكلام - بينه وبين ما نُسِب إليه أو آخراً .. متأخراً، كالمثال الذي ذَكَره الناظم.

وقلَّ وقوع الاختصاص بعد ضمير المخاطب، وبعضهم حكم بأنه شاذ (بك الله نرجو الفضل) ولا يكون بعد ضمير غَيْبَة، هذا مُلخَّص ما ذكره السيُوطي في (جمع الجوامع).

ثُمَّ قال رحمه الله: التَّحْذِيرُ وَالإِغْرَاءُ.

أي: هذا باب التحذير والإغراء، وجَمَع بينهما في بابٍ واحدٍ لاستواء أحكامهما؛ لأنه إذا عُلِمت أحكام التحذير حينئذٍ قيس عليها أحكام الإغراء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015