وذهب السيرافي: إلى أن (أَيّاً) في الاختصاص مُعْرَبة وليست مبنية.
ثُمَّ ثَمَّ وجوه في الإعراب: هل هو خبر مبتدأ محذوف أو بالعكس، يرجع إليه في مضآنه.
إذاً: (أَيُّ) التي تُنصب على الاختصاص فيها ثلاثة أقوال: مبنية وهو مذهب الجمهور، حينئذٍ سَلَّط عليها العامل في المحل، والقول الثاني وهو قول الأخفش: أنها منادى، القول الثالث وهو قول السيرافي: أن (أَيّاً) في الاختصاص مُعْرَبة، وهذا من الفوارق بين البابين: باب النداء وباب الاختصاص، أن (أَيّاً) هناك مُجمعٌ على بناءها، وهنا مُخْتَلفٌ في بناءها، فقيل مَبْنِية، وقيل مُعْرَبة.
إذاً هذا النوع الأول: الاسم المخصوص يكون (أيُّها وأيَّتها) فلهما حُكْمُهما في النداء وهو الضَّم، ويلزمهما الوصف باسمٍ مُحلىً بـ (أل) لازم الرفع، كالمثال الذي ذكرناه.
الثاني: أن يكون مُعرَّفاً بـ (أل) وإليه الإشارة بقول الناظم: (وَقَدْ يُرَى ذَا دُونَ أَيٍّ تِلوَ أَلْ) (يُرَى ذَا) يعني: المنصوب على الاختصاص، (دُونَ أَيٍّ) يعني: مكان (أيٍّ) ولم يؤتَ بـ (أيٍّ) (تِلوَ أَلْ) يعني: تابعاً لـ (أَلْ) مثاله: (نَحْنُ العُرْبَ).
الثالث: أن يكون مُعرَّفاً بالإضافة، لذلك انتبه أن المنصوب على الاختصاص لا يكون نكرة البتَّة، الأول: (أيُّها وأيَّتها) معرَّفان، ثُمَّ المُحلى بـ أَلْ: (العُرْبَ)، ثُمَّ المُعرَّف بالإضافة كحديث: {نَحْنُ مَعَاشِرَ الأَنْبِيَاءِ} قيل: اللفظ المحفوظ {إنَّا مَعَاشِرَ الأَنْبِيَاءِ} على كلٍ هذا أو ذاك (مَعَاشِرَ الأَنْبِيَاءِ) هذا مَعْرِفة، لأن (معاشر) أو (معشر) هذا نكرة مُضاف إلى الأنبياء وهو مُحلىً بـ (أل) فاكتسب التعريف، إذاً: هو مَعْرِفة بالإضافة.
قال سيبويه: "وأكثر الأسماء دخولاً في هذا الباب (بنو فلان) و (معشَر) مُضافة و (أهل البيت) و (آل فلان) " أربعة، بل نَصَّ السيُوطي نَقْلاً عن سيبويه: " أنه لم ينصب على الاختصاص إلا هذه الأربعة " فقط، كما سيأتي كلام السيُوطي.
إذاً الثالث: أن يكون مُعرَّفاً بالإضافة.
الرابع: أن يكون عَلَماً وهو قليل، كقول الشاعر:
بِنَا تَمِيماً يُكْشَفُ الضَّبَابُ ..
(بِنَا .. نَا) ضمير مُتكلِّم، (تَمِيماً) هذا عَلَم وهو منصوب، و (العُرْبَ) منصوب، وكذلك (مَعَشر) منصوب، لأن المبني هنا في باب الاختصاص خاصٌ بـ (أيُّ وأيَّتها) فقط، ومَا عداه فهو منصوب. (بِنَا تَمِيماً يُكْشَفُ الضَّبَابُ)، هذه أربعة أنواع للمخْصُوص، والأكثر في المخْتَص أن يلي ضَمير المُتكلِّم: (نحن .. إنَّا .. بنا) إلى آخره، هذا الأكثر.
ولا يجوز حينئذٍ أن يتقدم على الضمير، يعني: لا يتقدم المخصوص على الضمير، فلا يُقال: (معشر الأنبياء نحن) هذا لا يجوز، (أيها الفتى ارجوني) لا يجوز، لا بُدَّ أن يكون مُتأخراً، وقد يلي ضمير مخاطبٍ لكنه على قلة، نحو: (بك الله نرجو الفضل) ولا يكون بعد ضمير غائبٍ.