إذاً: الأصل في الاسم المخصوص الظاهر: أن يكون (أيًّا وأيَّتها) و (أيُّها) للمُذَكَّر و (أيَّتها) للمؤنَّث مُطلقاً، يعني: (أيَّها) للمُذكَّر مُفرداً أو مُثنَّىً أو جمعاً، و (أيَّتها) للمُؤنَّث مُفرداً أو مُثنَّىً أو جمعاً، هذا (أيُّ) .. هذا هو الاسم الأول وهو الأصل الذي يأتي عليه، فلا يَقَع المختصُّ مبنياً على الضَمِّ إلا بلفظ (أيُّها وأيُّتها).
إذاً: الاسم المخصوص قَدْ يكون مُعرَباً وقد يكون مبنياً، متى يكون مبنياً؟ إذا كان لفظ (أيُّها وأيَّتها) وما عداه فهو مُعربٌ، والنصب يكون ظاهراً، وأمَّا غيرهما فمنصوبٌ، وناصبه فعلٌ واجب الحذف، تقديره: (أخصُّ) وهذا واضح بَيِّن، وإن كان سيبويه قَدَّره (أعني).
ووجه الضَمِّ في (أيُّها وأيَّتها)، لماذا بُنيا؟ قالوا: استصحاب حالهما في النداء، بأن نُقِلا بحالهما عن النداء واستُعمِلا في غيره، وفي المغني: وجه بنائهما على الضَمِّ مشابهتهما في اللفظ (أيُّها وأيَّتها) في النداء، إذاً: ليست هي، وإنما أشبهت (أيُّها) التي تُنْصَب على الاختصاص .. أشبهت (أيّاً) التي يُنَادى بها، هناك صِلَة .. وصْلة، حينئذٍ أشبهت هذه التي معنا تلك، إذاً: ليست هي، ولا يُمكن أن تكون هي أصلاً، لأن تلك تكون مبنيةً على الضمِّ، لأنها منادى وهنا لا.
وفي (المغني): وجه بنائهما على الضمِّ مشابهتهما في اللفظ (أيُّها وأيَّتها) في النداء، وإن انتفى هنا مُوجِب بنائهما في النداء، إذاً: مُوجِب البناء هناك مفقودٌ هنا، وإذا كان الأمر كذلك لماذا نقول: هي عينُها .. جئنا بها من المنادى؟ (أيُّ) ليست مخلوقة للنداء فحسب، وإنما تُسْتَعمل في النداء وفي غيرها، تأتي موصولة، وتأتي شرطية، وتأتي استفهامية، إذاً: لا نقول هي مختصة بالنداء، تقع منادى كذلك وصْلة، فالأصل أن نقول: هذا الباب منفك، ولعلَّ هذه هي الشبهة التي أوقعت النحاة، أنهم قالوا: (أيُّ) هي نَفُسها الندائية، الأصل: أنه يُعلَّل البناء بِما عُلِّل هناك، قالوا: لا، عِلَّة البناء غير موجودة، لماذا بُنيت؟ أشبهت (أيُّ). طيب! هي التي جئتم بها، كيف أشبهتها؟ على كلٍّ الكلام غير مُنضَبِط.
وموضع (أيُّها وأيَّتها) نصبٌ بـ: (أخُصْ) وهذا مذهب الجمهور: أن (أيُّها وأيَّتها) في اللفظ مضمومان على البناء، وفي المحل منصوبان، وهذا مذهب الجمهور.
وذهب الأخْفَش: إلى أنه منادى، وإذا كان منادى لم يَختص ببابٍ مُختصٍ به، وإنما داخلٌ في حد البناء.
ولا يُنْكَر أن الإنسان ينادي نفسه، يعني إذا قيل: (ارجوني أيُّها الفتى) قد يأتي في بعض المواضع أنه يُنادي نفسه، وطبعاً الإنسان لا ينادي نفسه، هذا الأصل، ولو نادى نفسه حينئذٍ لا يكون حقيقةً إنما يكون مجازاً، والأخْفَش يقول: أنه منادى ولا يُنْكَر أن الإنسان يُنادي نفسه، لا! يُنْكَر، لماذا؟ لأن النداء إذا كان حقيقةً لا يُمكن أن ينادي نفسه، إذا كان طلب الإقبال ويستعمل (يا) التي للبعيد، ثُمَّ نقول: نادى نفسه حقيقةً، الجواب فيه تَكلُّف.
كقول عمر: "كل الناس أفقه منك يا عمر" ليس المراد: عمر ينادي نفسه، واضح هذا المثال، يعني: نزَّل نفسه مُنَزَّلة البعيد أو الذي لا يدري مثل هذه المسألة فقال: يا عمر، وليس حقيقةً.