في هذه الحالة يجب التزام لغة من ينتظر، لا يجوز إجراء هذا اللفظ: (يا مُسْلمَ) على لغة من لا ينتظر، لأنك لو عَاملته بِمعاملة لغة من لا ينتظر لقلت: (يا مُسْلمُ) حينئذٍ لا يُدْرى أن ثَمَّ تَرخِيماً، فاختلط المؤنَّث بالمذَكَّر، فيتعيَّن حينئذٍ التزام اللغة الأولى، ولذلك قال: (وَالتَزِمِ الأَوَّلَ) وهو لغة من نوى المحذوف، لا بُدَّ أن تنو المحذوف (فِي كَمُسْلِمَهْ) في مثل .. الكاف اسمية، (في مثل مُسلِمَة) وهو ما كان اللفظ مُتصلاً به تاء التأنيث الدالة على الفرق بين المذَكَّر والمؤنَّث، لأنك لو ضممت آخره على لغة من لا ينتظر حينئذٍ التبَس المذَكَّر والمؤنَّث.

(وَجَوِّزِ الوَجْهَينِ) لغة من ينوي ومن لا ينوي على الأصل، ولو تركه لبقينا على الأصل، (فِي كَمَسْلَمَه) مَسْلَمة وحَمْزَة وطَلْحَة، (مَسلَمَه) هذا عَلَم وهو مختومٌ بالتاء، حينئذٍ يجوز فيه الوجهان، لأن (مَسْلَمَ .. مَسْلَمُ) هذا لا يلْتبِس، أمَّا الأول (مُسْلِم) هذا واضح أن ضَمَّ الميم في الأول أنه اسم فاعل من: أسَلَم يُسْلِم فهو مُسْلِم، والتاء داخلة للفرق، أما (مَسْلَمَة) و (حَمْزَة) و (طَلْحَة) إذا حُذِفت منه التاء حينئذٍ لا يلتبس بغيره.

(وَجَوِّزِ الوَجْهَينِ فِي كَمَسْلَمَه) في مثل .. (فِي) هنا داخلة على الكاف، حينئذٍ وجَبَ أن نَجعل الكاف هنا اسمية، يعني: مثل .. في مثل (مَسْلَمَة) بفتح الأول اسم رجل لعدم المحذور، فتقول: (يا مَسْلَمَ .. يا مَسْلَمُ) هذا لا يلتبس، بخلاف (يا مُسْلِمُ) هذا يلتبس، والأكثر فيما جاز فيه الوجهان الوجه الأول .. لغة من ينوِ المحذوف.

إذاً: (وَالتَزِمِ الأَوَّلَ)، (التَزِمِ) هذا فعل أمر مبني على السكون المُقَدَّر، منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة التَخلُّص من التقاء الساكنين، و (الأَوَّلَ) هذا مفعولٌ به، وهو صفة لموصوفٍ محذوف (والتزم الوجه الأول) أو (المذهب الأول) وهو لغة من نوى المحذوف.

(فِي كَمُسْلِمَهْ)، (وَجَوِّزِ الوَجْهَينِ) جَوِّز أنت .. فعل أمر كذلك مُقَدَّر السكون فيه لاشتغال المحل بحركة التخلُّص من التقاء الساكنين، (الوَجْهَينِ) السابقين فيما هو كـ (مَسْلَمَة) و (حَمْزَة) و (طَلْحَة).

قال الشارح: إذا رُخِّم ما فيه تاء التأنيث للفرق بين المذَكَّر والمؤنَّث: كـ (مُسْلِمَه) وجب ترخيمه على لغة من ينتظر الحرف، فتقول: (يا مُسْلِمَ) بفتح الميم، ولا يجوز ترخيمه على لغة من لا ينتظر الحرف، فلا تقول: (يا مُسْلِمُ) بِضَمِّ الميم لئلا يلتبس بنداء المذَكَّر، وأمَّا ما كانت فيه التاء لا للفرق فيُرَخَّم على اللغتين فتقول في (مَسْلَمَة) عَلَماً (يا مسلَمَ .. يا مسلَمُ).

وَلاِضْطِرَارٍ رَخَّمُوا دُونَ نِدَا ... مَا لِلنِّدَا يَصْلُحُ نَحْوُ أَحْمَدَا

هذا خاتمة الباب.

(وَلاِضْطِرَارٍ رَخَّمُوا)، (لاِضْطِرَارٍ) هذا مفعول لأجله، في الأصل (رخموا لاضطرارٍ)، (لاِضْطِرَارٍ) جار مجرور مُتعلِّق بقوله: (رَخَّمُوا).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015