لو كان ما قبل المحذوف مُعتلاً قَدَّرت فيه الضمَّ على هذه اللغة، فتقول في ناجية: (يا نَاجِيْ) بالإسكان، لأنه ما يظهر عليه الضمّ، حينئذٍ على لغة من لا ينتظر تقول: (يا نَاجِي) تُقدِّر الضمَّة .. تنويها، إذاً: هذا صار مثل (مَنْصُ)، إذا سمعت (يا مَنْصُ) يَحتمل أنه على لغة من ينتظر ولغة من لا ينتظر، لأن الحكم واحد، (يا نَاجِي .. يا ناَجِيَ) نقول: هنا كذلك يَحتمل، فتُقدِّر الضمَّة كما تُقدِّرها في الصاد. وهو علامة تقدير الضمِّ، ولو كان مضْمُوماً قَدَّرَت ضَمَّاً غير ضَمَّة الأول نحو: (يا مَنْصُ).
وتقول في (ثَمُود) على لغة من ينتظر الحرف: (يا ثَمُوْ) بواوٍ ساكنة، وعلى لغة من لا ينتظر تقول: (يا ثَمي) فتقلب الواو ياءً والضمَّة كسرة، لأنك تُعامله معاملة الاسم التام، وإذا كان اسماً تاماً حينئذٍ لا يوجد عندنا اسمٌ مُعْرَب آخره واوٌ لازمة قبلها ضَمَّة، لا يوجد اسمٌ مُعْرَب، أمَّا فعلٌ فيوجد (يدعو) آخره واو لازمة، مُعْرَب لا مبني، أمَّا المبني فيوجد (هو) و (ذُو الطَائِيَّة) في حالة البناء.
آخره واوٌ لازمة، أمَّا غير اللازمة فموجود: (هذا أخوك) (أخو) هذه آخره واوٌ لكنَّها ليست لازمة؛ لأنها تنقلب ألفاً: (رأيت أخاك) وتنقلب ياءً (مررت بأخيك) إذاً ليست بلازمة، يعني: تنتقل عن الأخ فيكون ياءً أو ألفاً.
واوٌ لازمة قبلها ضَمَّة، وأمَّا إذا لم يكن قبلها ضَمَّة بل ساكن، فهو موجود في لسان العرب نحو: (دلْوٌ) دلْوٌ هذا آخره واوٌ .. اسمٌ مُعْرَب آخره واوٌ، لكن ليس قبله ضَمَّة، وهذه الواو لازمة، لأنها من أصل الكلمة (دلوٌ)، وكذلك (ضبيٌ).
إذا وُجِد اسمٌ مُعْرَب آخره واوٌ لازمة قبلها ضَمَّة وجب قلب الواو ياءً، والضَمَّة كسرة، ولذلك: (يا ثَمُوْ) الواو ساكنة وقبلها ميمٌ مضمومة، وجب قلب الواو ياءً حينئذٍ يُقال: (يا ثَمُي) وجب قلب الضمَّة كسرة لمناسبة الياء.
وَالتَزِمِ الأَوَّلَ فِي كَمُسْلِمَهْ ... وَجَوِّزِ الْوَجْهَينِ فِي كَمَسْلَمَه
يعني: قد يَعترِي اللغتين ما يُوقع في اللبْس، فإن أوقع شيءٌ من إحدى اللغتين السابقتين في اللبْس وهو الاختلاط: المُذكَّر بالمؤنَّث، والمؤنَّث بالمذكَّر، حينئذٍ التُزِم أحد اللغتين، ويُعدَل إلى الأخرى، (وَالتَزِمِ الأَوَّلَ فِي كَمُسْلِمَهْ) يعني: ما لَحقه تاء الفرق بين المُذكَّر والمؤنَّث، حينئذٍ إذا قيل: (مُسْلِمه) هنا يلتزم الوجه الأول، لو رُخِّم فقيل: (يا مُسْلِمَ) هذا يتعيَّن أن أصله: (مُسْلِمَةُ) إذا قيل: (يا مُسْلِمَ) بفتح الميم هذا يتعيَّن أنه مؤنَّث، لأنه مُرَخَّم بحذف آخره، ما الذي دلنا على أنه مُرَخَّم؟ فتح الحرف الأخير، إذ لو كان غير مُرَخَّمٍ لقال: (يا مُسْلِمُ) مثل: (يا زَيْدُ) و (يا جَعْفرُ) لكن لمَّا قال: (يا مُسْلمَ) بفتح الميم حينئذٍ عَلمْنا أنه مُرَخَّم وأن أصله مؤنَّث.