(رَخَّمُوا لاِضْطِرَارٍ مَا لِلنِّدَا) دون نداء، (مَا لِلنِّدَا) ما يصلح للنداء، (مَا) اسم موصول بمعنى: الذي، في محل نصب مفعول به، رخَّموا ماذا؟ رخَّموا (مَا) هذا مفعولٌ به، (وَيَصْلُحُ) صلة الموصول، و (لِلنِّدَا) مُتعلِّقٌ بـ (يَصْلُحُ).

إذاً تركيب الكلام: (رخَّموا ما يَصلُح للنداء دون نداء لاضطرارٍ)، فذَكَر شرطين من شروط جواز الترخيم دون نداء:

أولاً قال: (ما يصلح للنداء) يعني: بشرط كون المُرَخَّم صالحاً للنداء، يعني: لو دَخَلَت عليه (يا) صَلُح، نحو: (أحمد .. يا أحمد) يَصلُح أن يُنَادى، تقول: (يا أحمد) إذاً: مُنَادى مبني على الضَمِّ، (يا الغلام) لا يصلح، إذاً: يَصِح تَرخِيم (أحمد) دون نداء، لأنه لو دَخَلَت عليه (يا) النداء صَحَّ النداء، (الغلام) هل يصح ترخيمه أو لا؟ (يا الغلام) نقول: دخلت عليه (أل) وحرف النداء لا يدخل على ما فيه (أل) إذاً: لا يجوز ترخيم (الغلام) لاضطرارٍ، لا بُدَّ أن يكون صالحاً للنداء.

(لاضطرارٍ لا في السعة) إذاً: لا بُدَّ أن يكون مُضْطرَّاً إليه، فلا يجوز ذلك في السعة.

الشرط الثالث: أن يكون إمَّا زائداً على الثلاثة، أو بتاء التأنيث، ولا تُشتَرط العَلَمية ولا التأنيث بالتاء، يعني: لا يُشترط هنا؛ لأنه ليس ترخيماً اصطلاحياً، وإنما هو من باب الضرورة، وإذا قيل: (لاِضْطِرَارٍ) يعني: في الشِّعْر خاصة، لا في سِعَة الكلام، وإذا كان كذلك حينئذٍ لم يكن الترخيم اصطلاحياً ونرجع إلى الأصل: وهو أن ما جاء مُرَخَّماً في الشِّعْر لا بُدَّ من ضَبْطِه بِما ورد فيه، يعني: يُنظَر في أحواله فتؤخذ منه الشروط فتُجْعَل شروطاً في صحته، وما عداه فيبقى على المنع.

قلنا: (لاِضْطِرَارٍ رَخَّمُوا) أطلَقه فَلَم يَشتَرط العَلَمية والتأنيث بالتاء، اقتضى كلامه هنا: (ورخَّموا لاضطرارٍ دون نداء): أن هذا الترخيم جائزٌ على اللغتين: لغة من ينتظر، ولغة من لا ينتظر، وهو على لغة التمام إجماعٌ، يعني: على لغة من لا ينتظر هذا محل وفاق، وأمَّا على لغة من ينتظر فأجازه سيبويه ومنعه المُبَرِّد.

إذاً قوله: (رَخَّمُوا) ثُمَّ في الترخيم لغتان، أطلق الناظم كأنه يَجوز على اللغتين مُطلقاً، فإذا رخَّم في الشِّعْر جاز أن يرخِّمه على لغة من ينتظر وعلى لغة من لا ينتظر، أمَّا لغة التمام وهي من لا ينتظر، هذا

جائزٌ بالإجماع، وأمَّا على لغة من ينتظر فهذا فيه خلاف، أجازه سيبويه ومنعه المُبَرِّد.

(وَلاِضْطِرَارٍ رَخَّمُوا دُونَ نِدَا)، (دُونَ نِدَاءٍ) قَصَره للضرورة، و (دُونَ) هذا ظرفٌ مُتعلِّق بِمحذوف حالٌ من (مَا) .. من المفعول به، لأن أصل التركيب: (رَخَّمُوا ما يصلح للنداء دون نداءٍ لاضطرارٍ).

(نَحْوُ أَحْمَدَا) الألف للإطلاق، يعني: وذلك نحو، (نَحْوُ) خبر مبتدأ محذوف.

قال الشارح: " قد سبق أن الترخيم حذف أواخر الكَلِم في النداء. هذا الأصل، إذاً إذا حصل لا في النداء لم يكن هو الترخيم الاصطلاحي معنا هنا.

وقد يُحذف للضرورة آخر الكلمة في غير النداء، لكن بشروطٍ ثلاثة، بشرط: كونها صالحة للنداء كـ (أحمد) فلا يجوز حينئذٍ في (الغلام) فلا يُرَخَّم، (الغلام) لا يصح، ومنه قوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015