إذاً: (مَتْلُوُّهَا) وهو منتهى ما يتلوها .. (مَتْلُوُّهَا) يعني: ما تتلوه هي، (مَتْلُوُّهَا) هذا مبتدأ .. (مَتْلُوُّهَا) وهو منتهى المندوب إن كان ألفاً مثلها حُذِف لأجلها.
(كَذَاكَ) يُحْذَف لأجل ألف الندْبَة، قوله: (بِالأَلِفْ) هذه (أل) هنا للعهد الذهني، ليست أيَّ ألف، وإنما المراد بها: الألف المعهودة عند النحاة في هذا الباب، أي: العهد الذهني، وهي المسماة: بألف الندْبَة، (كَذَاكَ) يُحْذَف لأجل ألف النُدْبَة: تَنْوِينُ الَّذِي بِهِ كَمَلْ، كَمُلْ .. كَمَلْ يجوز فيه الوجهان، لكن هنا بالفتح من أجل الأمل.
كَذَاكَ تَنْوِينُ الَّذِيْ بِهِ كَمَلْ ... مِنْ صِلَةٍ أَوْ غَيْرِهَا نِلْتَ الأَمَلْ
(نِلْتَ الأَمَلَ) فعل وفاعل ومفعولٌ به .. تتميم للبيت، إذاً: يُحْذَف لأجل ألف الندْبَة التنوين، مثل ماذا؟ (يا غلام زيدٍ .. واغلام زيدٍ)، (غلام زيدٍ) مضاف ومضاف إليه، والمضاف إليه هنا مُنوَّن واجب التنوين، قلنا: تَصِله الألف .. صله .. آخره ألف، فتقول: (واغلام زيدا) حَذَفت التنوين (زيدٍ .. زيدا) إذاً: يُحْذَف التنوين لأجل ألف الندْبَة كما تُحذف الألف إذا كانت أصلية في أصل الكلمة.
كذلك إذا كان في الصلة، لأنه قال: (مِنْ صِلَةٍ) .. (وامن حفر بئر زمزمٍ .. زمزما)، (زمزمٍ) فيه وجهان: هل هو ممنوع من الصرف أو لا؟ لكن على الثاني، (زمزمٍ .. زمزما) حَذَفْت التنوين لأجل ألف الندْبَة، لماذا حذفت التنوين؟ تخلصاً من التقاء الساكنين، لا يمكن الجمع، ويُذْكَر عِلَّة أخرى.
(كَذَاكَ تَنْوِينُ) يعني: التنوين الذي في آخر المندوب يُحْذَف، (كَذَاكَ) هذا خبر مقدم، و (تَنْوِينُ) هذا مبتدأ مؤخر وهو مضافٌ، و (الَّذِي) مضاف إليه، و (كَمَل .. بِهِ) هذا صلة الموصول، و (كَمَلْ) أي: المندوب .. الضمير يعود على المندوب، (مِنْ صِلَةٍ) بيانٌ لـ: (الذي) يعني ما هو الذي كمل؟ لأن التنوين معروف أنه يُكَمِّل مدخوله، لأنه يَدُّل على تَمكينه، ويَدُّل على كمام اسميته، وتَمَكُّنِه في باب الاسمية وباب الإعراب، فهو مُكَمِّلٌ له، وما عداه فهو ناقص.
(مِنْ صِلَةٍ) مثل: بئر زمزما، (أَو غَيرِهَا) يعني: غير الصلة، كما مَثَّلْناه بالشبيه بالمضاف: (واغلام زيدٍ .. واغلام زيدا).
(نِلتَ الأَمَلْ) قيل لضرورة أن الألف لا يكون قبلها إلا فتحة، والتنوين لا حظ له في الحركة بل هو ساكن، لأن ألف الندْبَة ألفٌ، ومعلومٌ أن الألف لا يناسبها ما قبلها إلا أن يكون مُحرَّكاً، ولا يناسبها أن يكون ساكناً، مُحرَّك لا بد أولاً، أمَّا الساكن فلا، حينئذٍ إذا كان ثَمَّ ساكن فلا يجتمعان، لأنه لا يُمكن أن يُحَرَّك الأول، لأنه إذا كان ألف فالأصل: أن الألف لا تَقبَل الحركة، فإذا كان تنوين فالتنوين كذلك مُلازِم للسكون هذا الغالب، لأن التنوين قد يُحَرَّك: ((عَاداً الأُولَى)) [النجم:50] حُرِّك التنوين لا إشكال فيه، لكن على جهة التعميم، قالوا: التنوين ساكن والألف ساكن، حينئذٍ ما قبل الألف يلزم أن يكون مُحرَّكاً والتنوين ليس بِحركة.