فتقول في المفرد: (وازيدا) أصلها: (وازَيْدُ) ألحقته ووصلته بألف الندْبَة، قلت: (وازيدا) فتحت الدال لمناسبة الياء، وفي المضاف: (يا غلام زيدا) وصلته بالمضاف إليه، لأنه كالكلمة الواحدة، ولذلك حُذِفَ التنوين هنا: (واغلام زيدٍ) هذا الأصل، حَذَفت التنوين كما سيأتي:
كَذَاكَ تَنْوِينُ الَّذِي بِهِ كَمَلْ .. تحذِفه، حينئذٍ تقول: (واغلام زيدا) .. وكذلك تقول: (واعبد الملكا .. واعبد الملك) وصَلْته بألف الندْبَة في آخره، وهو المضاف إليه.
وفي المشبه به: (واثلاثةً وثلاثينا) إذا كان اسم رجل ثلاثةً وثلاثين، (واثلاثةً وثلاثيناه)، وفي الصلْة: (وامن حفر بئر زمزما) بالألف، وفي المركب: (وامعد كربا) وفي المحكي، لو سُمي رجل بقام زيد: (واقام زيدا) يَلْحق الأخير أيضاً، فيمن اسمه: (قام زيد).
إذاً قوله: (وَمُنْتَهَى المَنْدُوبِ) مُطْلقاً .. مُفرَداً، أو مضافاً، أو شبيهاً بالمضاف، أو مُركباً عددي، أو مركباً مَزْجي، فيَعُم .. كل ما صَحَّ نَدْبُه تَصِلُه بالأخير، ثُمَّ قد يكون آخراً له حقيقةً، وقد يكون حُكماً.
وأجاز يونُس وصْلَ ألف الندْبَة بآخر الصفة لو وصفته: (وازيد الظريفا) هذا حُكماً أو حقيقةً؟ قال يونُس: يجوز أن تُلْحِق الألف بالصفة: (ظريف) بدلاً من أن تقول: (وازيدا الظريف) تقول: (وازيد الظريفا) تأتي بالألف في الصفة، يعني: تُلحِقها بالصفة، هذا آخر المندوب حُكماً لا حقيقةً: (وازيد الظريف)، وعزاه في الهمع إلى الكوفيين؛ لأن مذهب الكوفيين جواز إلحاق ألف النُدْبَة بالصفة، يعني: صفة المندوب.
وحينئذٍ لم يتصل بالمندوب، وإنما اتصل بآخره حُكْماً، والمشهور هو الأول.
إذاً: (وَمُنْتَهَى المَنْدُوبِ) مُطلقاً، (صِلهُ بِالأَلِفْ) .. صِلْه جوازاً بالألف، (بِالأَلِفْ) هذا مُتعلِّقٌ به.
(مَتْلُوُّهَا إِنْ كَانَ مِثْلَهَا حُذِفْ): واموسى، صل به الألف؟ هذا ما يُمكن، (مَتْلُوُّهَا) سابقها إن كان مثلها ألف، كما في ندبة (موسى) تقول: (واموساه) تحذف الألف الأصلية السابقة، ألف (موسى) تحذفها، وتأتي بألف الندْبَة، لأنه التقى عندنا ألفان ساكنان، ولا يمكن التحريك .. لا يمكن أن يجتمعا البتة، حينئذٍ يَتعيَّن أن نَحذف الأولى؛ لأنها حرف بِنْيَة، وأن نُبْقِي الثانية؛ لأنها حرف معنى فنقول: (واموساه) بِحذف الألف الأولى لأنها صارت ألف واحدة: (واموسا) هذه ألف واحدة، أين الألف الثانية؟ نقول: حُذِفت، وهي الألف الأصلية السابقة.
ولذلك قال: (مَتْلُوُّهَا)، (مَتْلُوُّهَا) مبتدأ حُذِفْ هذا الخبر، (إِنْ كَانَ مِثْلَهَا) إن كان ألفاً مثلها .. إن كان هو المتلو، و (مِثْلَهَا) هذا خبر كان، حُذِفْ وجب حذفه، لأجلها .. لأجل ألف الندْبَة، لأنه جيء بها لمعنى نحو: (واموساه).
وأجاز الكوفيون قلبه ياءً قياساً فقالوا: (وامُوسِياه) بقلب الألف الأولى ياءً، إذاً: إذا كان آخر المندوب ألف عند البصريين وجماهير النحاة يجب حذف الألف الأولى للتخلُّص من التقاء الساكنين التي هي: ألف موسى، وجوَّز الكوفيون قلبها ياءً (وامُوسِياه) قلبت الألف ياءً.