إذاً: (إِنْ كَانَ تَرْكُهَا يُفِيتُ المَعْرِفَهْ) متى؟ بأن تكون هي مَقصودة بالنداء يعني: (الصفة)، واسم الإشارة قبلها لمُجرَّد الوصْلة إلى نِدائها، كقولك لقائمٍ بين قومٍ جلوس: يا هذا القائم، فيَتَعيَّن حينئذٍ الوصف .. لا بد من ذكر الصفة؛ لأن الوصف هو المقصود بالنداء، فصار (هذا) مثل (أي) في كونه وصْلة يُتَوَصل بها إلى نِداء ما فيه (أل)، أمَّا إذا كان اسم الإشارة هو المقصود بالنداء بأن قَدَّرت الوقوف عليه، يعني: يُمكن الوقف عليه فيَتم المعنى، فلا يلزم شيءٌ من ذلك، أي: مجموع ما ذُكِر، لأن بعضه يَلزم وهو القرن بـ (أل) .. منعوت (أل) .. صفة (أل) لا بُدَّ أن يكون مُحلىً بـ (أل).
وإلا لصَحَّ: يا هذا رجلٌ وليس كذلك، لكن نقول: هنا (مَصْحُوبَ أَلْ) لا يُؤْخَذ حكمُه من هنا، وإنما يُؤْخَذ حكمه من باب النعت،؟؟؟ أن النَعْت .. اسم الإشارة لا بُدَّ أن يكون مُحلىً بـ (أل)، لا يجوز أن يكون نكرة: يا هذا رجلٌ لا يصح، بل لا بُدَّ أن يكون مُحلىً بـ (أل)، حينئذٍ يكون الحكم مأخوذ من حكمٍ سابق .. من باب النعت.
ويجوز في صفته حينئذٍ ما يجوز في صفة غيره من المُنَاديات المبنيات على الضم، يعني: إذا قُصِد اسم الإشارة حينئذٍ لا يلزم الصفة، لكن لو ذُكِرَت فيجوز فيه الوجهان، مثل غيره من تابع المُنَادى، كأنك قلت: يا زيد الظرِيفُ الظرِيفَ، إذا قُلت: يا هذا القائم، وكان المقصود بالنداء هو لفظ (هذا) حينئذٍ لا نحتاج إلى القائم، لو ذكرناه جاز فيه الوجهان، وأما إذا كان هو المقصود تَعيَّن فيه الرفع وهو وجهٌ واحد.
(وَذُو إِشَارَةٍ كَأَيٍّ فِي الصِّفَةْ) يعني: في لزومها، ولزوم رفعها، ولزوم كونها بـ (أل) على ما مَرَّ، نحو: يا ذا الرجل، ويا ذا الذي قام، ويا هذا الرجلُ، ويا هذا الذي قام، ويا هؤلاء الكرام، فـ (ها) للتنبيه، واسم الإشارة مُنَادى مُقدَّرٌ فيه الضَّم، وما بعده صفةٌ له مرفوعة باعتبار اللفظ للمُشاكَلة.
وَذُو إِشَارَةٍ كَأَيٍّ فِي الصِّفَةْ ... إِنْ كَانَ تَرْكُهَا .. يعني: ترك الصفة .. (يُفِيتُ المَعْرِفهْ) .. (إِنْ كَانَ تَرْكُهَا)، (تَرْكُهَا) هذا اسم كان، و (يُفِيتُ المَعْرِفهْ)، (يُفِيتُ): خبر كان، و (المَعْرِفهْ): مفعول يفيت، فَات .. يُفِيت، أي: يُفَوِّت عِلْم المُخاطب بالمُنَادى.
قال هنا الشارح: " يُقال: يا هذا الرجل، فيجب رفع الرجل إن جُعِل (هذا) وُصْلة لنِدائه، كما يجب رفع صفة (أي)، وإلى هذا أشار بقوله: (إِنْ كَانَ تَرْكُهَا يُفِيتُ المَعْرِفهْ)، فإن لم يُجْعَل اسم الإشارة وصْلة لنِداءِِ ما بعده لم يجب رفع صفته، بل يجوز الرفع والنصب ".
فِي نَحْوِ سعْدُ سعْدَ الاَوْسِ ينتَصِبْ ... ثانٍ وضُمَّ وَافْتَحْ أَوَّلاً تُصِبْ
(فِي نَحْوِ) فُهِم منه أنه ليس مقصوراً على المذكور، بل فيه قياسٌ كما سيأتي.
(فِي نَحْوِ سَعْدُ سَعْدَ) يا سعد .. (سعد) هذا مُنَادى حُذِف (يا) النداء، (سعْدُ سعْدَ الأَوْسِ) يعني: في مثل هذا التركيب انظر: (سعْدُ سعْدَ الأَوْسِ) الأول علم مُفرد، والثاني علم مُفرد، والثاني مضاف: يا زَيْدُ زَيْدُ العِلْم مثلاً .. مثلُه.