ولا يُشْتَرَط لوصف (أيٍ) باسم الإشارة: خلوه من كاف الخطاب، وهو ظاهر المتن، لأنه أطلق قال: (أَيُّ هَذَا) حينئذٍ لو كان مُتصلاً بكاف الخطاب، ولا يُشْترَط في اسم الإشارة المذكور أن يكون منعوتاً بـ ذي (أل) بل ولو لم يكن منعوتاً.
ثُم قال:
وَذُو إِشَارَةٍ كَأَيٍّ فِي الصِّفَةْ ... إِنْ كَانَ تَرْكُهَا يُفِيتُ المَعْرِفَهْ
(وَذُو إِشَارَةٍ) يعني: اسم الإشارة (كَأَيٍّ فِي الصِّفَه) يعني: في وجوب وصفه بما وُصِفَت به (أي)، من واجب الرفع مُعرَّف بـ (أل) أو الموصول المُصَدَّر بـ (أل)، وأما اسم الإشارة فلا، إنما يَتعيَّن فيه اثنان: وهو أن يكون مصحوب (أل) أو الاسم الموصول، (وَذُو إِشَارَةٍ) هذا مبتدأ، (كَأَيٍّ) يعني: مثل (أي) وهو خبر، (فِي الصِّفَةْ) حالٌ من الضمير المستكن في (أيٍ) .. جار ومجرور مُتعلق بِمحذوف، أو نقول: مثل (أيٍ) فهي اسمية، حينئذٍ يكون من المضاف.
(إِنْ كَانَ تَرْكُهَا يُفِيتُ المَعْرِفَه) .. (يُفِيتُ) يعني: يُفَوِّت المعرفة، مفهومه -مفهوم مُخالفة-: أن اسم الإشارة قد لا يُفِيت المعرفة، فلا يَفْتقر إلى وصفٍ كسائر أنواع المُنَادى، (إِنْ كَانَ تَرْكُهَا) أي: ترك الوصف .. الصفة، (يُفِيتُ) أي: يُفَوِّت عِلْم المُخَاطَب بالمُنَادى، (المَعْرِفَهْ) يعني: العِلْم بالمُنَادى.
إذاً: (وَذُو إِشَارَةٍ كَأَيَ فِي الصِّفَةْ) في لزوم وصفها بِمصحوب (أل) أو الموصول إذا كان عَدمُ الوصف يُفَوِّت المعرفة، يعني: لا يَدْري المُخَاطب ما المُراد باسم الإشارة، فإذا لم يدر تَعيَّن الوصف، فإن دَرَى حينئذٍ لا يَتعيَّن الوصف.
(إِنْ كَانَ تَرْكُهَا يُفِيتُ المَعْرِفَهْ) بأن تكون هي مَقصُودة بالنداء، واسم الإشارة قبلها لمُجرَّد الوُصْلة لا نِدَائها كقولك لقائمٍ بين قومٍ جلوس: يا هذا القائم، أمَّا إذا كان اسم الإشارة هو المقصود بالنداء بأن قَدَّرَت الوقوف عليه فلا يلزم شيءٌ من ذلك، يعني: إذا قيل يا هذا القائم، إمَّا أنك تَقْصد أن المُنَادى هو القائم، حينئذٍ صارت لفظ (هذا) وصْلة مثل (أي)، وإمَّا أنك تقصد أن (هذا) هو المُنَادى، إن عَنَيت الأول فلا بُدَّ من الصفة، وإن عَنَيت الثاني فحينئذٍ يُمكن أن يُسْتَغْنى عن الصفة.
إذا كان المقصود بالنداء هو لفظ الإشارة نفسه، حينئذٍ لا يلزم الوصف، بأن صَحَّ الوقف عليه: يا هذا، وأنا أعَيِّنك: يا هذا، لا نَحتاج أن نقول: يا هذا الرجل .. يا هذا القائم، يجوز حذف (القائم)، حينئذٍ صار هذا هو المقصود بالنداء، فحينئذٍ لا نحتاج إلى الوصف، وأمَّا إذا لم يكن كذلك حينئذٍ لا بُدَّ من الصفة.