من كل تركيبٍ وقع فيه المُنَادى مُفرَداً مُكرَّراً .. نفس اللفظ: (يَا زَيْدُ زيْدَ الْيَعْمَلاَتِ) .. من كل تركيب وقع فيه المُنَادى مُفرَداً مُكرَّراً، ووقع بعد المرة الثانية مضافٌ إليه، يعني: الثاني أُضِيْف وقع مضاف، وبعضهم لا يقول الثاني أُضِيْف من أجل إدخال بعض المذاهب، يُقال: ووقع بعد المرة الثانية مُضَافٌ إليه.
إذاً: في مثل هذا التركيب يَنْتَصب ثانٍ وجُوباً، الذي هو (سعد) الثاني، (ينتَصِبْ ثَانٍ) وجُوباً، (ثانٍ) هذا فاعل، أين الرفع؟ مُقَدَّر على الياء المحذوفة تَخفيفاً، أو يُقال: بأنه سُكِّنَ (ثَانِي) ثُمَّ نُوِّنَ (ثانٍ) إذاً: فاعل ينتصب.
(يَنتَصِبْ ثَانٍ) وجوباً، لماذا؟ لأنه مُضاف، مثل: يا غُلامَ زيدٍ .. يا صَاحبَ عِلْمٍ، مثلُه مضاف.
(وَضُمَّ وَافْتَحْ أَوَّلاً) يعني: الأول يجوز فيه الوجهان: (سَعْدُ سَعْدَ) الضَمُّ بناءً على الأصل، والفتح هنا جاء فيه الخلاف كما سيأتي.
إذاً (فِي نَحْوِ): هذا جار ومجرور مُتعلِّق بقوله: (يَنتَصِبْ).
(فِي نَحْوِ) يا (سَعْدُ سَعْدَ الأَوْسِ يَنْتَصِبْ ثَانٍ) وجوباً، (وَضُمَّ) على الأصل (وَافْتَحْ) على الإتباع (أَوَّلاً)، - (أَوَّلاً) هذا متنازع فيه (ضُمَّ وَافْتَحْ) -، (تُصِبْ): هذا جواب الأمر، ضُمَّ تُصِب، (تُصِبْ): هذا فعل مضارع مجزوم لوقوعه في جواب الطلب.
فإن ضَمَمْتَه فلأنه مُنَادى .. مُفرَد .. مَعرِفة، وانتصاب الثاني حينئذٍ، لأنه مُنَادى مضاف، أو توكيد، وهذا انْتُقِد كما سيأتي، أو عطف بيان، أو بدل، أو بِإضْمَار (أعني) كم وجه؟ خمسة:
يجوز فيه أن يكون مُنَادى مضاف، يعني كأنه قال: (يا سَعْدُ يا سَعْدَ الأَوْسِ) .. (يا سَعْدَ) مُنَادى مضاف فهو منصوب.
أو توكيد، وتوكيد المنصوب منصوب .. باعتبار المحل.
أو عطف بيان، أو بدل، أو بإضْمَار (أعني)، يعني: صار مقطوعاً بتقدير عاملٍ محذوف.
فإن ضُمَّ الأول كان الثاني منصوباً على التوكيد، وهذا مُعْتَرَض، لأنه إمَّا أن يكون تَوكِيداً مَعنَوياً أو لَفظِياً، (معنوياً) هذا محصور في السبعة الألفاظ: نفس، وعين إلى آخره.
إذاً: ليس واحداً منها، وتوكيد اللفظ بأن يكون الثاني هو عَيْن الأول، وهنا هل هو عَيْنَه؟ (يَا سَعْدُ) غير مُضاف مفرد، (سَعْدَ الاَوْسِ) إذاً: يمتنع أن يكون توكيداً في اللفظي أو المعنوي، ولذلك أُعْتُرِض إعرابه توكيداً.
أو على إضْمَار (أعني) أو على البدلية، أو عطف البيان، أو على النداء، وإن نُصِبَ الأول: (يا سَعْدَ)، فمذهب سيبويه: أنه مُنَادى مضاف إلى ما بعد الاسم الثاني، وأن الثاني مُقْحَمٌ بين المضاف والمضاف إليه، وهذا غريب! لماذا؟ لأنه يقول: أن الأول مضافٌ للثاني .. أنه مضافٌ إلى ما بعد الاسم الثاني، يعني: الأول مضاف للأوس.
أصل التركيب: يا سَعْدَ الأَوْسِ سَعْدَ، ثُمَّ جيء بـ: (سعد) فأُقْحِم بين المضاف والمضاف إليه، وهذا مُعْتَرَض بأن المضاف والمضاف إليه كالكلمة الواحدة فلا يُفْصَل بينهما وهذا أجنبي عنه، حينئذٍ يكون يا سَعْدَ الأَوْسِ سَعْدَ، (يَا سَعْدَ) هذا يكون النصب هنا على الأصل، لأنه مضاف ومضاف إليه، وهذا يَتعيَّن فيه النصب، وهذا ضعيف.