وأمَّا الآخران: فَلِأنَّ الحكم السابق هو نفي المجيء، والمقصود به إنما هو الأول، يعني: الذي قُصِدَ به هو الأول؛ لأنه قال: ما جاء زيدٌ بل عمروٌ، أين النسبة هنا .. أين المسند والمسند إليه؟ ما قبل (بل) و (لكن) ما جاء زيدٌ، إذاً المقصود بالحكم: هو نفي المجيء عن زيد، بل عمروٌ الثاني لم يُثْبَت له الأول، إذاً المقصود بالنسبة: هو السابق على (بل) و (لكن)، ما جاءَ زيدٌ بل عمروٌ، أين النسبة؟ نقول: نفي مجيء زيد، بل عمروٌ ما بعدها نقول: ليس هو المقصود بالنسبة، وإنما المقصود بالنسبة ما قبل (بل) و (لكن).

إذاً: النوع الأول ما ليس مقصوداً بالحكم، والآخران: فلأن الحكم السابق هو نفي المجيء، والمقصود به: إنما هو الأول، وذلك لأن المعطوف بـ (بل) و (لكن) بعد النفي يَثْبُت لهما نقيض الحكم السابق كما سبق معنا، وأمَّا الحكم المذكور فالمقصود به الأول، يعني: ما قبل (بل) و (لكن) فقولك: ما جاء زيدٌ بل عمروٌ، معناه: أن عدم المجيء ثابتٌ لزيد، وأن عمراً ثبت له المجيء.

النوع الثاني: ما هو مقصودٌ بالحكم هو وما قبله، فيصدق عليه أنه مقصودٌ بالحكم لا المقصود بالحكم، ما الفرق بين العبارتين؟ إذا قيل: المقصود بالحكم، هذا صار مُعرَّفاً، المقصود بالحكم حينئذٍ صار محصوراً فيه، فهو المقصود وغيره منفيٌ عنه، أمَّا كونه مقصوداً بالحكم، فلا ينفي أن يكون غيره كذلك مقصودٌ بالحكم، إذاً من عطف النسق: ما قد يكون مقصوداً بالحكم لا أنه هو المقصود بالحكم.

النوع الثاني: ما هو مقصودٌ بالحكم هو وما قبله -المعطوف والمعطوف عليه- فيَصدقُ عليه أنه مقصودٌ بالحكم، لا أنه المقصود، وفرقٌ بينهما؛ لأن البدل هو المقصود بالحكم، ولذلك قال: (التَّابِعُ المَقْصُودُ بِالحُكْمِ) إذاً: لا ينفي أن يكون شيءٌ آخر مقصوداً بالحكم، لكنه لا يصدق عليه أنه هو المقصود بالحكم، فرق بين العبارتين.

لا أنه المقصود وذلك كالمعطوف بالواو، نحو: جاء زيدٌ وعمروٌ، زيدٌ مقصودٌ بالحكم، وعمروٌ مقصودٌ بالحكم، إذاً: عمروٌ مقصودٌ بالحكم، هل هو المقصود بالحكم؟ لا، لماذا؟ لكونه مُثْبَتاً لزيد، لو قلت: هو المقصود بالحكم، حينئذٍ نُفِيَ عن سابقه: جاء زيدٌ وعمروٌ، كلٌ منهما مقصودٌ بالحكم، لو قلت: عمرو الثاني المعطوف هو المقصود بالحكم لَزِمَ أن يُنفىَ المجيء عن زيد وهذا باطل، هذا التفصيل جيد.

كالمعطوف بالواو نحو: جاء زيدٌ وعمروٌ، وما جاء زيدٌ ولا عمروٌ، كلاهما مقصودان بالحكم، فهذان النوعان خارجان بما خرج به النعت والتوكيد وعطف البيان، إذا قيل: الفصل الأول المقصود بالحكم، يعني: ألا يكون غيره مقصوداً بالحكم، خرج النعت، وخرج التوكيد، وخرج عطف البيان، وهذه واضح أنها خرجت.

بقي نوعان من عطف النسق: وهو ما ليس له قصدٌ في الحكم النوع الأول، والثاني: ما قد يكون مقصوداً بالحكم لا أنه هو المقصود، هذا خرج بقوله: المقصود بالحكم، بقي النوع الثالث: وهو الذي أخرجه بقوله: (بِلاَ وَاسِطَةٍ).

النوع الثالث: ما هو مقصودٌ بالحكم دون ما قبله، وهذا هو المعطوف بـ (بل) بعد الإثبات: جاءني زيدٌ بل عمروٌ، قلنا: (بل) بعد الإثبات تنقل الحكم، ماذا قال هناك؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015