وَانْقُل بِهَا لِلثَّانِ حُكْمَ الأَوَّل ... فِي الخَبَرِ المُثْبَتِ. . . . .
إذاً: ما جاءني زيدٌ بل عمروٌ، عمروٌ هو الذي جاء، والأول مسكوتٌ عنه، إذاً: صار مقصوداً بالحكم ما بعد (بل)، حينئذٍ نحتاج إلى إخراجه فقال: (بِلاَ وَاسِطَةٍ)، إذاً: ما بعد (بل) في سياق الإثبات نقول: هو المقصود بالحكم وليس مقصوداً، بل هو المقصود بالحكم، إذاً: شارك البدل؛ لأن البدل هو المقصود بالحكم، لكن الفرق بينهما: أن المعطوف هنا معطوفٌ بـ (بل) يعني: بواسطة، وذاك بدون واسطة.
وهذا هو المعطوف بـ (بل) بعد الإثبات نحو: جاءني زيدٌ بل عمروٌ، وهذا النوع خرج بقوله: (بِلاَ وَاسِطَةٍ) وثَمَّ خلاف طويل عريض في الإخراج، لكن هذا التحقيق جيد: أن يكون قوله: المقصود بالحكم أخرج نوعين من عطف النسق، وهو: ما ليس مقصوداً بالحكمِ و (أو)، والثاني: وهو ما هو مقصودٌ هو وما قبله لا أنه هو المقصود.
بقي النوع الثالث: وهو المقصود بالحكم أخرجه بقوله: (بِلاَ وَاسِطَةٍ)، هُوَ المُسَمَّى في اصطلاح البصريين: بَدَلاً.
ثُمَّ قال:
مُطَابِقَاً أَوْ بَعْضَاً اوْ مَا يَشْتَمِلْ ... عَلَيهِ يُلفَى أَوْ كَمَعْطُوفٍ بِبَلْ
وَذَا لِلاِضْرَابِ اعْزُ إِنْ قَصْداً صَحِبْ ... وَدُونَ قَصْدٍ غَلَطٌ بِهِ سُلِبْ
كَزُرْهُ خَالِدَاً وَقَبِّلْهُ اليَدَا ... وَاعْرِفْهُ حَقَّهُ وَخُذْ نَبْلاً مُدَى
قسَّمَ لك البدل إلى أربعة أقسام:
(مُطَابِقَاً أَوْ)، (أَوْ) هنا للتقسيم، (بَعْضَاً أَو مَا يَشْتَمِل عَلَيهِ) هذا الثالث، (أَوْ كَمَعْطُوفٍ بِبَلْ)، ثُمَّ قسَّمَ لك الرابع هذا إلى قسمين: بدل غلط، وبدل إضراب.
(مُطَابِقَاً) بالنصب: مفعول ثاني لقوله: (يُلْفَى) والضمير نائب فاعل مفعوله الأول، إذاً: (يُلْفَى) يتعدى إلى مفعولين، وهو مُغيَّر الصيغة هنا، نائب الفاعل مفعوله الأول وهو عائدٌ على البدل، يُلفَى البدلُ مطابقاً، هذا النوع الأول وهو الذي يُعبَّر عنه: بدل كل من كل.
(أَوْ بَعْضَاً) أو يُلْفىَ بعضاً، وهو القسم الثاني، وهو المسمى: بدل بعض من كل.
(أَوْ مَا يَشْتَمِل عَلَيهِ)، (يَشْتَمِلْ) هذا فعل مضارع، و (عَلَيهِ) مُتَعلِّق به، و (ما) اسمٌ موصول في محل نصب معطوف على مُطَابِقَاً.
(يُلْفَى أَوْ) هذا كذلك حرف عطف، (كَمَعطُوفٍ) مثلَ معطوفٍ .. (مثلَ) بالنصب، فالكاف هنا بمعنى: مثل فهي اسمية، وهو مضاف و (مَعْطُوفٍ) مضاف إليه، (بِبَلْ) مُتَعلِّق بقوله: (مَعْطُوفٍ).
إذاً: أربعة أقسام:
الأول: بدل كل من كل، وشاع عند النحاة: بدل الكل من الكل، وهذا غلط؛ لأن (كل) هذا من الألفاظ الملازمة للإضافة، معنىً، بمعنى: أنه إذا حُذِفَ المضاف حينئذٍ يكون المضافُ إليه منوياً، وإذا كان المضاف إليه منوياً حينئذٍ لا تدخل (أل) على المضاف، الكل .. البعض هذا غلط، وإن شاع عند النحاة: بدل الكل من الكل، وبدل البعض من الكل، وكلا اللفظين لا يصح دخول (أل) عليهما، وإن تُسُومِحَ فيها وتُسُوهِلَ لا إشكال فيه.