عطف الجملة الاسمية على الفعلية وبالعكس .. قبل ذلك نقول: عطف الجملة على الجملة هذا جائزٌ، هذا لا إشكال فيه، وهذا محل وفاقٍ، فإذا عُطِفَتْ الجملة على الجملة حينئذٍ الجملة نوعان: جملةٌ اسمية، وجملة فعلية.
وفي عطف الفعلية على الاسمية والعكس، ثلاثة أقوال:
أولها: الجواز مطلقاً، يعني: التخالف، تُعطف الفعلية على الفعلية لا إشكال .. الاسمية على الاسمية لا إشكال، أمَّا العكس الفعلية على الاسمية، أو الاسمية على الفعلية هذا محلٌ نزاع، فيها ثلاثة أقوال: أولها: الجواز مطلقاً بالواو وغيرها، وهذا هو المُرَجَّح عند النحاة، وهو المفهوم من قول النحويين في نحو: قامَ زيدٌ وعمروٌ أكرمتهُ: أن نصب عمرو أرجح؛ لأن تناسب الجملتين أولى من تخالفهما، من المُرَجِّحَات هناك في باب الاشتغال، قلنا: النصب أولى؛ لأننا لو نصبنا عطفنا جملة فعلية على فعلية، والتناسب أولى من التخالف، فدل على الجواز؛ لأنهم جَوَّزوا الرفعَ ورجحوا النصبَ، ما دام أنهم جَوَّزوا الرفعَ فكان جملةً اسمية، إذاً: تكون معطوفة على الفعلية، وهذا محلُ وفاق.
الثاني: المنع مطلقاً.
والثالث، وهو لأبي علي الفارسي: يجوز في الواو فقط، يعني: يجوز عطف الاسمية على الفعلية وبالعكس، إذا كان العاطف هو الواو، والصواب هو الأول: أنه يجوز مطلقاً.
بقي خاتمة، وهي: أن عطف النسق في الأصل أنه يتبع المعطوف عليه في واحدٍ من ثلاثة أشياء، لأنه لا بُدَّ من تَشْرِيكٍ في الإعراب، ثُمَّ هذا الإعراب إمَّا يكون لفظياً أو محلياً أو على سبيل التوهم.
فالقسمة ثلاثية:
الأمر الأول: العطف على اللفظ، وهذا هو الأصل، وشرطه: إمكان توجه العامل لأن يكون المعطوف صالحاً لأن يلي العامل في المعطوف عليه، إذا قيل: جاءَ زيدٌ وعمروٌ .. رأيت زيداً وعمراً .. مررت بزيدٍ وعمروٍ، حينئذٍ ذِكْرُ الرفع مع النصب مع الخفض في هذه الأمثلة الثلاثة واضح: أن المعطوف قد أخذ حكم الرفع لكون المعطوف عليه مرفوعاً، وهكذا في النصب، وهكذا في الخفض، هذا هو الأصل وهذا هو المطرد، لكن يُشترط فيه: أنه يصلح أن يلي المعطوف عليه العامل، أمَّا إذا لم يصلح فلا يجوز.
وهذا له مثالان مشهوران.
إذاً: شرطه، أي: إمكان توجه العامل بأن يكون المعطوف صالحاً لأن يلي العامل في المعطوف عليه، فلا يجوز في نحو: ما جاءني من امرأةٍ ولا زيدٍ: بِجر زيد، لماذا؟ لأن العامل الذي جَرَّ امرأة: ما جاءني من امرأةٍ ولا زيدٍ، زيدٍ نقول: هذا معطوف على امرأة لا يجوز أن يتبعه في اللفظ؛ لأن امرأة نكرة، وهو مجرور بـ (من) الزائدة، و (من) الزائدة لا تدخل إلا على النكرة، فتعمل في النكرات لا في المعارف، إذاً: ولا زيدٍ، وزيدٍ نقول: هذا معرفة، حينئذٍ لا يجوز عطفه بالجرِّ على سابقه.
كذلك: لا رجلَ في الدار ولا فاطمةَ، نقول: لا يصح أن يعطف على رجل؛ لأن (لا) نافيةٌ للجنس فهي لا تعمل في المعارف إنما تعمل في النكرات، إذاً: العطف باللفظ على اللفظ، فيأخذ حكمه مطلقاً، لا بُدَّ من صحة تسليط العامل الذي عَمِلَ في المعطوف عليه على العامل، إن صحَّ صحَّ، وإن امتنعَ امتنعَ.