قال (وَاعْطِفْ) هذا فعل أمرٍ مبني على السكون لا محل له من الإعراب، والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنت، (عَلَى اسْمٍ) جار مجرور مُتَعلِّق بقوله: (اعْطِفْ)، و (شِبْهٍ فِعْلٍ)، (شِبْه) هذا نعت لـ: (اسْمٍ)، (شِبْهٍ فِعْلٍ) يعني: أشبه الفعل .. مُشبهٌ للفعل، احترازاً من اسمٍ لم يُشبه الفعل فلا يجوز والتعليل واضح، (عَلَى اسْم شِبْهٍ فِعْلٍ) شبه: مضاف، والفعل مضاف إليه، (فِعْلاً) اعطف فعلاً على اسمٍ شبهِ فعلٍ، اعطف فعلاً: ففعلاً هذا مفعول به، يجوز أن يُعْطَف الفعل على الاسم الشبيه بالفعل، هذا أراده بهذا البيت.

و (اسْتَعْمِل عَكْساً)، و (عَكْساً) وهو أن تعطف الاسم الشبيه بالفعل على الفعل، (اسْتَعْمِل عَكْساً) الاستعمال: هو إطلاق اللفظِ وإرادة المعنى، فلما جَوَّز استعمالهُ دَلَّ على أنه منقولٌ موجودٌ في لسان العرب؛ لأن ثَمَّ وضعاً وثَمَّ حمل، وثَمَّ استعمال، ثَمَّ وضْعاً وهو جعل اللفظ دليلاً على المعنى، أو القواعد العامة وهو المراد هنا .. الوضع النوعي، وثَم استعمال: وهو إطلاقُ اللفظِ وإرادة المعنى، هذا لا يكون إلا بعد الوضع، يعني: ما يُستعمل ويُتَكَلم بألفاظٍ أو تراكيب إلا وهي منقولةٌ في لسان العرب، لا بُدَّ أن يكون ثَمَّ واضع أولاً، ثُم بعد ذلك يأتي الاستعمال.

ثُمَّ يكون الحمل: وهو اعتقاد السامع ما يريده المُتَكلِّم من كلام، يعني: يفهم المراد، (وعَكْساً اسْتَعْمِل) استعمل: هذا فعل أمر مبنيٌ على السكون لا محل له من الإعراب، والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره: أنت، وعكساً: هذا مفعولٌ به، تجده، فعل مضارع مجزوم، وجازمه هو وقوعه في جوابِ الطلب وهو الأمر: استعَمِل تجده، وتجد: هذه يتعدى إلى مفعولين، الفاعل ضمير مستتر أنت، والهاء: مفعول أول، وسهلاً: مفعولٌ ثاني، إذاً: يجوز عطف الاسم الشبيه بالفعل على الفعل.

((يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ)) [الأنعام:95] مُخرج .. يُخرج: عطف الثاني .. اسم الفاعل على الفعل.

قال هنا: يجوز أن يُعطفَ الفعل على الاسمِ المشبه للفعلِ كاسم الفاعل ونحوه، ويجوز أيضاً عكس هذا: وهو أن يُعطف على الفعل الواقع موقع الاسمِ اسمٌ، فمن الأول قوله تعالى: ((فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً * فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً)) [العاديات:3 - 4] هنا المعطوف عليه صلة، وحقُه أن تكون جملة، فالمغيرات مؤولٌ باللاتي أغرن، لأنه قد يُقال: ثَمَّ حكمة ظاهرة: المغيرات .. مغيرات: هذا صلة (أل)، وصلة (أل) الأصل فيها أن تكون فعلية.

إذاً: ((فَأَثَرْنَ)) [العاديات:4] هذا معطوفٌ على ما هو في قوة الجملة الفعلية، كأنه عطفَ فعلاً على فعلٍ، كأنه قال: فاللائي أغرنَ، أو اللاتي أغرنَ صبحاً فأثرنَ، عطف جملة على جملة، كذلك الآية التالية، وكذلك قوله: ((صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ)) [الملك:19] يقبضن: هذا في قوة قابضات، يعني: هنا صار التأويل في الفعل لا في اسم الفاعل، لأن صافاتٍ: هذا حال، والحال الأصل فيها أنها مفردة، وحينئذٍ لمَّا عُطِفَ عليها ويقبضن، إذاً: قابضات، فهو في تأويل قابضات.

إذاً: يجوز عطف الفعل على الفعل، والاسم الشبيه بالفعل على الفعل، والفعل الشبيه باسم الفعل على الفعل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015