قال الشارح هنا: " وقد تُحذف الفاء مع معطوفها للدلالة، ومنه قوله تعالى: ((فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)) [البقرة:184] أي: فأفطر فعليه عدة من أيام أخر، فحُذِفَ أفطر، والفاء الداخلة عليه، وكذلك الواو، ومنه قولهم: (رَاكِبُ النَّاقَةِ طَليِحَانِ)، (راكب النَّاقةِ والنَّاقةُ طليحان) يعني: ضعيفان، هنا واضح راكب الناقةِِ طليحان، أن ثَمَّ معطوف ومعطوف عليه، لأنه قال: (طليحان) هذا خبر، وراكب الناقةِ واحد، إذاً: أخبر باثنين عن واحدٍ، إذاً لا بُدَّ من التقدير: راكب الناقةِ والناقةُ، حُذِفَتْ الواو (مَعْ مَا عَطَفتْ) حينئذٍ نقول: الذي دَلَّ على الواو (إِذْ لاَ لَبْسَ) كون الخبر مُثنَّى، لكن هل يصح: راكبُ الناقةِ طليحٌ، ثم نقول: ثَمَّ حذفٌ؟ لا، وإنما طليحان.

وانفردت الواو من بين حروف العطف بأنها تَعْطِف عاملاً محذوفاً بقي معمول، الناظم هنا خَصَّ الواو، وابن هشام رحمه الله استدرك عليه الفاء التي تقع بعدها الحال.

الفاء تَعْطِِفُ عاملاً محذوفاً بقي معمول: اشتريت بدرهمٍ فصاعداً: فذهب الثمن صاعداً، هذه الفاء تعطف صاعداًً هذه حال تدل على التدريج، أين عاملها؟ محذوف، أي: فذهبَ الثمنُ صاعداً، لأن تقديره: فذهب الثمن صاعداً، ومنه البيت الذي ذكرناه.

وَحَذْفَ مَتْبُوعٍ بَدَا هُنَا اسْتَبِحْ ... وَعَطْفُكَ الفِعْلَ عَلَى الفِعْلِ يَصِحّ

(وَحَذْفَ مَتْبُوعٍ) أي: معطوفٍ عليه.

فيما سبق الواو والفاء تحذف المعطوفَ، والآن حذف المعطوف عليه .. المتبوع السابق، الأول الفاء مع ما بعدها، والواو مع ما بعدها، وهنا لا، الحذف يتعلق بالمعطوف عليه، وذكرنا حذف العاطف نفسه، إذاً الأقسام ثلاثة:

قد يُحذفُ حرف العطف وحده، وقلنا: هذا محصورٌ في الواو و (أو).

ثانياً: يُحذف المعطوف مع الحرف، وهو الذي عناه بقوله: (وَالْفَاءُ) .. (وَالْوَاوُ) كذلك.

الثالث: حذف المعطوف عليه، وهذا الذي عناه بهذا البيت: (وَحَذْفَ مَتْبُوعٍ بَدَا هُنَا اسْتَبِحْ)، (اسْتَبِحْ) يعني: اجعله مباحاً .. استبحه فافعله.

(حَذْفَ مَتْبُوعٍ) هذا مفعولٌ به مُتَقدِّم وهو مضاف و (مَتْبُوعٍ) مضافٌ إليه، (بَدَا) يعني: ظهر (هُنَا) في هذا المحل، وهو ما يتعلق بالفاء والواو .. ليس مُطلقاً، وإنما هنا في هذا الموضع. أي: حذف المتبوع وهو المعطوف عليه جائزٌ إذا ظهر معناه، ولذلك قَيَّده بقيدين:

(هُنَا) يعني: في الفاء والواو.

و (بَدَا) يعني: ظهر معناه، لا بُدَّ من هذا القيد وهو قيدٌ عام، أي: حذفَ المتبوع وهو المعطوف عليه جائزٌ إذا ظهر معناه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015