(وَمِثْلُ "أَوْ" فِي الْقَصْدِ "إِمَّا") الناظم لم يَذْكر "إمَّا" لمَّا عَدَّ الحروف، فهل هذا استدراكٌ بأنه حرفٌ ثابتٌ فيما سبق، أو أنه تفريعٌ على ذكر معاني (أوْ) .. هل هو ذِكْرٌ لما تركه في عدِّ الحروف، بأن ثَمَّ حرفاً تركه إمَّا عمداً وإمَّا نسياناً، ثم استدركه، أو أنه ليس بحرف عطفٍ، وإنما ذكره لمناسبة معاني (أوْ)؟ الظاهر الثاني، والدليل على ذلك قوله: (فِي القَصْدِ) يعني: في المعنى لا في العمل الذي هو العطف، قوله: (فِي القَصْدِ) نقول: دَلَّ على أن مراده به: أن (إمَّا) هنا مثل (أوْ) في المعنى، يعني: تستعمل في المعاني السابقة كلها ظاهر النظم، سيأتي استثناء (فِي القَصْدِ) لا في العمل الذي هو العطف، لأن (أوْ) إذا كانت عاطفةً حينئذٍ تعطف ما بعدها على ما قبلها فتُشرِّكه في حكمه .. في الإعراب رفعاً ونصباً وخفضاً.
(وَمِثْلُ "أَوْ")، مِثْلُ: مبتدأ، وهو مضاف، و (أَوْ) قُصِدَ لفظه مضافٌ إليه، و (فِي القَصْدِ) هذا مُتعلِّق بقوله: مثل، لأنه مصدر: مثل .. فعل، و ("إِمَّا") هذا خبر المبتدأ، قُصِدَ لفظه فهو خبر، (الثَّانِيَهْ) هذا نعت، (فِي نَحْوِ) هذا مُتعلِّق بمحذوف، يعني: أعني .. أقصد (فِي نَحْوِ) قولك: (إِمَّا ذِي وَإِمَّا النَّائِيَهْ)، النَّائِيَهْ يعني: البعيدة.
تَزوَّج (إمَّا ذِي) (ذِي) اسم إشارة (وَإِمَّا النَّائِيَهْ) ماذا أراد بـ (إمَّا) الثانية أم الأولى؟ الثانية لأنه قيدها، قال: ("إِمَّا" الثَّانِيَةُ) بالرفع على أنها صفة لـ (إمَّا)، (فِي نَحْوِ) قولك: تَزوَّج (إمَّا) هذه و (إمَّا) النائية، (إمَّا) الثانية مثل (أوْ) في القصد، فتأخذ المعاني السابقة كلها السبعة، تأتي للتخيير وللإباحة وللتقسيم وللإبهام وللشك والتشكيك والإضراب، وتأتي بمعنى: (أوْ) جميع المعاني السبعة السابقة أعطاها لـ (إمَّا) الثانية في قولك: (إمَّا ذِي وَإِمَّا النَّائِيَهْ).
فتقول: خذ من مالي إمَّا ردهماً وإمَّا ديناراً، إذاً: جاءت للتخيير، وتقول: جالس إمَّا الحسن وإمَّا ابن سيرين: جاءت للإباحة، وتقول: الكلمة إمَّا اسمٌ وإمَّا فعلٌ وإمَّا حرفٌ: جاءت للتقسيم، وجاء إمَّا زيدٌ وإمَّا عمروٌ، الإبهام إذا علمت الحكم والشك إذا لم تعلم الحكم، وهل تأتي للإضراب؟ الناظم أطلق هنا، وهل تأتي بمعنى: الواو؟ كذلك الناظم أطلق، فظاهره أنها تأتي بمعنى الإضراب وبمعنى الواو، وليس الأمر كذلك.
فقوله (مِثْلُ أَوْ) أطلَق المِثْلية هنا في المعنى .. مِثْلُ (أَوْ) فِي الْقَصْدِ .. في المعنى ("إِمَّا" الثَّانِيَهْ)، ظاهر كلامه أنها للمعاني السبعة المذكورة في (أوْ) وليس كذلك، فإنها لا تأتي بمعنى الواو، ولا بمعنى: (بل) الإضراب يعني .. لا تأتي بمعنى: الواو (وَرُبَّمَا عَاقَبَتِ الوَاوَ إِذَا) نقول: هذا خاصٌ بـ (أوْ) وكذلك (وَإِضْرابٌ بِهَا أَيْضَاً نُمِى) هذا خاصٌ بـ (أوْ) ولا تكون (إمَّا) الثانية مثل (أوْ) في كونها تعاقب الواو أو أنها للإضراب، فإنها لا تأتي بمعنى الواو، ولا بمعنى: (بل) وورودهم في هذين المعنيين قليل، بل هو مختلفٌ فيه، يعني: في جوازه.