فالإحالة إنما هي على المعاني المتفق عليها، وهي خمسة، إذاً: يستثنى المتأخران.

قيل: قال بعضهم: ظاهر كلامه أنها مثل (أوْ) في العطف والمعنى، وهو مذهب أكثر النحاة، قال: بعضهم: أن ظاهر كلام الناظم هو هذا، وهل هذا يُوافق عليه؟ لا، ما يُوافق عليه، لماذا؟ لأنه قيَّد، لو قال: مثل (أوْ) إمَّا الثانية، قلنا: هذا الظهور واضح بيِّن، أن الناظم هنا جعل (إمَّا) الثانية حرف عطف، مثل (أوْ) في كونها عاطفة تُشرِّك ما بعدها فيما قبلها في الإعراب، وكذلك تُشرِّكه في المعنى الذي هو من معاني (أوْ)، لكن هذا ليس بظاهر.

إذاً قال بعضهم: ظاهر كلامه أنها مثل (أوْ) في العطف والمعنى، وهو مذهب أكثر النحاة، وقال الفارسي وابن كيسان، وابن برهان: مثلها في المعنى فقط، وهو الذي أشار إليه بقوله: (في القَصْدِ).

ووافقهم الناظم هنا وهو الصحيح، ويؤيده قولهم: إنها مُجامعة للواو لزوماً، يعني: لا تكون الثانية في هذا الموضع في مثل هذا التركيب إلا إذا سبقتها الواو، حينئذٍ قيل: (إِمَّا ذِي، وَإِمَّا النَّائِيَهْ) يلزم (إمَّا) الثانية أن تكون مسبوقةً بالواو لازم، وإلا ما صار كلاماً فصيحاً، إذا كان كذلك حينئذٍ إذا قيل بأن (إمَّا) حرف عطف، والواو حرف عطف، حينئذٍ دخل حرف عطفٍ على حرف عطف وهذا ممتنع، من قال بأنها حرف عطفٍ أولاً وخَرَّج الواو على أنها زائدة، وهذا خلاف الأصل .. خلاف الأصل أن تُجعل الواو زائدة و (إمَّا) عاطفة، بل لو دار الأمر بين جعل أحد الحرفين زائداً لكان (إمَّا) أولى بالزيادة.

إذاً نقول هنا: ويؤيده قوله: إنها مجامعة للواو، يؤيد ماذا؟ القول بأنها: ليست عاطفة، وإنما هي مثل (أوْ) في المعنى فحسب.

والعاطف لا يدخل على العاطف، وقد نقل ابن عصفور اتفاق النحويين: أنها ليست عاطفةً، وإنما أوردوها في حروف العطف لمحصاحبتها لها .. للواو يعني، وكذلك بأنها بمعنى: واو، لكن الإجماع هذا محل نظر ليس متفقاً عليه.

إذاً: (وَمِثْلُ "أَوْ" فِي القَصْدِ) إشارة إلى أنها ليست عاطفةً، وإنما في القصد، أي: المعنى لا سيما أنه لم يعدها في الحروف أول الباب، هذا دليل على أنه يرى أنها ليست عاطفة.

(إِمَّا) مذهب سيبويه أنها مركبة من (إنْ) و (مَا)، وذهب غيره إلى أنها بسيطة، وهو الظاهر لأنه الأصل، يختلف كثير من النحاة في كثير من الحروف: هل هي أصلية .. هي هكذا نُطِقَ بها، أم أنها فرعٌ، فيقال: (لَنْ) هل هي لن، أم أصلها: لا، فقلبت الهمزة، أو أصلها: لأن، وإمَّا هل أصلها: إنْ ما، ثُمَّ أدغمت النون في ما؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015