(أَبْهِمِ) يعني: تأتي للإبهام .. لإبهام التعمية على السامع، جاء زيدٌ أو عمروٌ؟ أنت تعرف الذي جاء، لكن تريد أن تُلبِّس عليه، فتقول: جاء زيد أو عمرو، لأنك تعلم أنه لو علم أن عمرو الذي جاء قد يأتي، فإذا قلت: جاء زيدٌ أو عمرو قد تصرفه وما يأتي، حينئذٍ نقول: هذا فيه إبهام وتدليس على السامع، جاء زيدٌ أو عمروٌ، إذا كنت عالماً بالجائي منهما وقصدت الإبهام على السامع، قيل: منه قوله تعالى: ((وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)) [سبأ:24] هذا تقسيم أو إبهام؟
مُثِّل به للتقسيم ومُثِّل به للإبهام، الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يرى أنه للتقسيم ولا يصح أن يكون للإبهام، لكن بعضهم يذكره في الإبهام.
(وَاشْكُكْ) يعني: تأتي للشك، والفرق بين الشك والإبهام: أن المُتكَلِّم عالمٌ بالحكم في الإبهام دون الشك، يعني: المثال واحد، جاء زيدٌ أو عمروٌ، إذا كنت عالماً بالجائي فأنت مُبهِم، فـ (أوْ) حينئذٍ تكون للإبهام، إذا كنت ما تدري من الجائي صارت للشك، لأن الشك هو التردد، إذاً: الفرق بين الشك والإبهام أن المُتكَلِّم عالمٌ بالحكم في الإبهام دون الشك، والشك: هو كون المُتكَلِّم نفسه واقعاً في التردد.
وبعضهم يزيد: التشكيك، ولم يذكره المصنف، وهو معنىً زائد، يعني: مقارب لقوله: الإبهام، وهو أن تقول: جاء زيدٌ أو عمروٌ، تريد تشكيك المخاطَب، لكن هذا قد يكون داخلاً في الإبهام، وأمَّا التشكيك فهو أن يوقع المُتكَلِّم المخاطَب في الشك والتردد، وهذا في الظاهر أنه مرادف للإبهام ولذلك لم يذكره الناظم.
إذاً: (خَيِّرْ) يعني: ائتي بـ (أوْ) مراداً بها التخيير، و (أَبِحْ) كذلك في معنى الإباحة، و (قَسِّمْ) كذلك في معنى التقسيم، (بِأَوْ وَأَبْهِمِ) يعني: ائتي بها مبهماً على غيرك .. على السامع، (وَاشْكُكْ) ائتي بها وأنت شاكَّاً في صدق النسبة على أيٍّ من المعطوفين، (وَإِضْرابٌ بِهَا أَيْضاً نُمِي) فصله عما قبله للخلاف، هل (أوْ) تأتي للإضراب بمعنى: (بل) أم لا؟ فيه نزاع بين النحاة، (وَإِضْرابٌ) يعني: إبطال، إِضْرَابٌ: هذا مبتدأ، وجملة: (نُمِي) يعني: نُسِبَ إلى العرب، وإضرابٌ نُمي: نُسِبَ إلى العرب، هذا خبر.
(أَيْضَاً) آض يئيض أيضاً، نرجع إلى ذِكْر معاني (أوْ)، و (بِهَا) هذا مُتعلِّق بقوله: (إِضْرابٌ)، وجعله الصبَّان مما تنازع فيه المصدر والفعل، لكن هذا فيه نظر، لأن الواو هنا استقلال يعني: كلام جديد أو منفصل، ولذلك يُعلَّل: لماذا لم يقل: واضربِ، أو: للإضراب .. لماذا قال: (وَإِضْرَابٌ بِهَا أَيْضاً نُمِي) .. نُسِبَ إلى العرب؟ هذا دل على أن ثَمَّ فرقاً بين هذا المعنى المتأخر السادس، وبين المعاني الخمسة السابقة، حينئذٍ وقع نزاع في السادس دون غيره.
(وَإِضْرَابٌ) إشارة إلى أن الإضراب غير متفق عليه، ولذلك فصله عما قبله، إذاً: بِهَا مُتعلِّق بقوله: (إِضْرَابٌ).