بذاته بنفسه يتجزأ مثل الجمع: جاء القوم، القوم: زيد وعمرو وخالد كلهم قوم، يتجزأ بذاته أو لا؟ يتجزأ بذاته، ((فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ)) [الحجر:30] الملائكة يتجزءون أم لا؟ نعم يتجزءون ملك ملك ملك .. كلهم منفصل عن الآخر، إذاً له أجزاء متجزئة بذاتها .. منفصلة، هذا أول.

بذاته مثل: ((فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ)) [الحجر:30]، جاء القوم كلهم، أو بعامله، أما هو في ذاته فلا يتجزأ، ولهم مثال مشهور عند النحاة: اشتريت العبد كله، العبد زيد مثلاً واحد ما يتقسم رجل ويد إلى آخره ما يتقسم، ليس مثل القوم والملائكة، لكن كونه عبداً هو قال: اشتريت العبد، والعبد معلوم أنه يتبعض باعتبار الرق .. وصف، وأما باعتبار ذاته فلا يتبعض، اشتريت العبد يحتمل بعضه، قد يكون اثنان مشتركين في عبد واحد .. مبعض، وهذا الذي يسميه المواريث مبعض، حينئذٍ إذا اشترى بعض العبد، تجزأ أو لا؟ تجزأ، إذاً يحتمل، إذا قال: اشتريت العبد يعني: الثلث أو النصف أو بعضه، والثاني الباقي مملوك للغير، لكن إذا قال: اشتريت العبد كله رفع احتمال التجزئة، لكن باعتبار العامل هو قابل للتجزئة.

فرفع قوله: كله احتمال تجزئة العبد، والعبد في الأصل لا يتجزأ باعتبار ذاته، وإنما يتجزأ باعتبار عامله، والذي دلك على أنه يتجزأ اشتريت، والعبد يتبعض.

إذاً: أن يكون المؤكد بكل متجزئاً إما بذاته بنفسه اللفظ نفسه وما يصدق عليه، وإما بالعامل، والأول مثاله كما ذكرنا، والثاني مثاله المشهور: اشتريت العبد كله.

ولا يجوز جاء زيد كله، جاء زيد كله لا يصح؛ لأن زيد لا يتجزأ لا بذاته ولا بعامله، إلا إذا كان مؤولاً بأنه عبد، هذا شيء ثاني، وأما إذا كان حراً فيبقى على الأصل، وكذلك العامل لو كان عبداً مجيئه لا يتجزأ بخلاف الشراء، هنا. إذاً: لا يجوز جاء زيد كله.

ثالثاً -من شروط كل-: أن يتصل بها ضمير عائد على المؤكد، وهذا ذكرناه فيما نص عليه الناظم بقوله: (بِالضَّمِيرِ مُوصَلاَ).

إذاً: يشترط في التوكيد بكل ثلاثة شروط: أن يؤكد بها غير مثنى.

أن يكون متجزئاً بذاته أو بعامله.

أن يتصل بها ضمير عائد على المؤكَّد.

وشروط كلا وكلتا: أن يكون المؤكد بهما دالاً على اثنين، ولا يقصد به المثنى اصطلاحاً لا، أن يكون دالاً على اثنين، جاء زيد وعمروٌ كلاهما، يصح أو لا يصح؟ زيد وعمروٌ ليس مثنى، نقول: ليس المراد هنا المثنى الاصطلاحي، وإنما المراد أن يكون المؤكد دالاً على اثنين، إما بالعطف وإما باللفظ نفسه، فجاء زيد وعمروٌ كلاهما، كلاهما توكيد، والمؤكد مثنى .. دالاً على اثنين، كيف مثنى؟ نقول: لغة لا اصطلاحاً.

إذاً: الشرط الأول: أن يكون المؤكد بهما دالاً على اثنين.

الثاني: أن يصح حلول الواحد محلهما .. محل الاثنين، هذا احترازاً من الأفعال التي تستلزم المشاركة، اختصم زيدٌ وعمروٌ كلاهما، غلط على الصحيح، لماذا؟ لأن اختصم زيدٌ .. لو قال: اختصم زيدٌ ما يصح التعبير؛ لأن اختصم يقتضي فاعلين، وإن كان أحدهما فاعلاً في الاصطلاح والثاني في المعنى، حينئذٍ نقول: هل يصح حلول المفرد الواحد محل فاعل اختصم؟ نقول: لا، لا يصح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015