(وَاجْمَعْهُمَا) أي النفس والعين (بِأَفْعُلٍ) يعني على وزن أفعل (إِنْ تَبِعَا) إن تبعا النفس والعين (مَا) مؤكداً (لَيْسَ وَاحِداً) هذا له مفهوم، (تَكُنْ مُتَّبِعَا).
ولذلك يقال: جاء زيد نفسه باعتبار المفرد، وجاء زيد عينه، وجاء زيد نفسه عينه، فتجمع بينهما بلا عطف بخلاف النعوت كما سيأتي، النعت يجوز العطف ويجوز ترك العطف على التفصيل الذي ذكرناه سابقاً، وأما التوكيد فلا يجوز، يجب فيه عدم العطف.
وتقديم النفس على العين لازم إذا جمع بينهما، يجب تقديم النفس على العين، ولا يجوز العكس، هذا المشهور عند النحاة؛ للعلة التي ذكرناها. وقيل: حسن ليس بواجب، لكن التعليل الأول أوفق.
ويجوز جرهما بباء زائدة، يعني يجوز أن تدخل الباء على نفسه وعينه تقول: جاء زيد نفسه، جاء زيد بنفسه، وجاء زيد عينه، وجاء زيد بعينه، وجاءت هند بنفسها -وهذا مستعمل عند الناس- بعينها صحيح هذا.
إذاً موافق للسان العرب، فكيف نعربه؟ جاء زيد نفسه، جاء زيد بنفسه.
الباء حرف جر زائد، ونفسه توكيد للمرفوع وهو مرفوع تقديراً، مرفوع ورفعه ضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، إذاً جاء زيد بنفسه، الباء حرف جر زائد ونفس هذا مؤكد، لماذا نعربه هكذا؟ لأننا عندنا قاعدة، قبل الولوج في هذه الأبواب قلنا: التابع الاسم المشارك لما قبله في إعرابه، لا بد تستحضر هذا التعريف في جميع الأبواب؛ لأن التابع جنس يدخل تحته النعت والتوكيد، وعطف البيان إلى آخره.
فإذا قلت: جاء زيد بنفسه .. كيف الاسم المشارك لما قبله في إعرابه؟ إذا حكمنا على الباء بأنها زائدة إذاً الإعراب لا بد أن يكون كقوله: ((مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ)) [المائدة:19]، و ((هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ)) [فاطر:3] فيبقى على أصله وهو أنه مرفوع ولذلك قلنا: يَتْبَعُ فِي الإِعْرَابِ يشمل الإعراب التقديري والإعراب المحلي والإعراب الظاهر، وهذا تجعله مثالاً لما هناك. ومحل المجرور إعراب المتبوع.
قال ابن عقيل هنا: التوكيد قسمان:
أحدهما: التوكيد اللفظي وسيأتي في آخر الباب
والثاني: التوكيد المعنوي وله سبعة ألفاظ معدودة فلا نحتاج إلى حده، وهو على ضربين:
الأول: ما يرفع توهم مضاف إلى المؤكَّد، وهذه هي عين العبارة التي يعبر بها الأكثر من النحاة: ما يرفع توهم مجاز، ما يرفع المجاز عن الذات، أو يدل على إثبات الحقيقية ورفع المجاز عن الذات .. كلها عبارات مؤداها واحد، المراد أن اللفظ السابق يحتمل حذف مضاف سميته مجازاً أو سميته حقيقاً لا إشكال، المراد أنه يرفع احتمال حذف المضاف، ويبقى على حقيقته، جاء زيد نفسه، جاء الأمير نفسه، إذاً لا رسول الأمير، ولا خبر الأمير، ولا احتمال الخطأ في الإسناد وإن كان هذا فيه بعد.